اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
مشرف المنتدى
التاريخ
10/11/2020 3:05:15 PM
  عشوائية المبانى أم عشوائية القوانين؟      

عشوائية المبانى أم عشوائية القوانين؟ الدكتور أحمد عبد الظاهر انشغل المجتمع المصرى مؤخراً بموضوع إزالة المبانى المخالفة، لا سيما فيما يتعلق بالبناء على أملاك الدولة. ورغم معاناة المجتمع ككل من ظاهرة مخالفات المبانى، فقد وجدنا من يهاجم جهود الدولة فى التعامل مع هذا الموضوع. وفى مقال سابق بعنوان «الأمن القومى.. مفهوم غامض ورؤية غائبة»، أكدنا أهمية الجهود التى تقوم بها الدولة فى القضاء على مشكلة العشوائيات التى تُعد قنبلة موقوتة تهدد الأمن القومى المصرى. بل إن هذه الجهود تجد لها أساساً من نصوص الدستور، حيث تنص المادة 78 الفقرة الثالثة من الدستور على أن: «تلتزم الدولة بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية والمرافق، وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة، كما تكفل توفير الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة». ولدراسة أسباب مشكلة العشوائيات، توصلاً إلى منع هذه الظاهرة من منابعها، أرى أن اللوم الأساسى يقع على المنظومة القانونية الحاكمة للملكية العقارية. ولعل ذلك يبدو جلياً من خلال استعراض بعض الحقائق القانونية والقضائية ذات الصلة بالموضوع. وأولى هذه الحقائق أن الأراضى المملوكة للدولة، التى تم البناء عليها، قد تم بيعها من شخص إلى آخر بعقد بيع ابتدائى، وذلك على الرغم من عدم ملكية البائع للأرض، رغم أن المشترى يعلم ذلك. أما ثانى الحقائق، ويمكن التثبت منها من خلال العديد من الوقائع، فهى أن هذه المبانى المخالفة قد جرى توصيل المرافق لها بحكم قضائى. وفى بعض الحالات يحدث نزاع وهمى بين شخصين على حيازة عقار غير مملوك لأى منهما، وتقوم النيابة العامة بإصدار قرار وقتى مسبباً بالحيازة لأحدهما. يضاف إلى كل ذلك أن عدداً كبيراً من المشترين تعرضوا للنصب أو التضليل عند قيامهم بشراء عقار، أو لم يكتشفوا أن العقار مخالف إلا بعد إتمام عملية الشراء. وخلال حديثه فى مؤتمر صحفى، عقده يوم الأربعاء الموافق التاسع من سبتمبر 2020م، ذكر رئيس مجلس الوزراء مصطلح «الكاحول»، قاصداً به الشخص المستتر الذى تتم الاستعانة به من المالك الحقيقى للعقار المخالف، بدعوى أنه صاحب العقار، وذلك مقابل الحصول على مبلغ مادى، وما إن يتم مهمته حتى يختفى من الصورة تماماً. ويبدو أن هذه الحقائق لم تكن غائبة عن ذهن صانعى القرار، حيث صدر مؤخراً القانون رقم 186 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى، الذى أضاف مادة جديدة برقم (35 مكرراً) إلى قانون تنظيم الشهر العقارى، يجرى نصها على أنه: «إذا كان سند الطلب حكماً نهائياً، يثبت حقاً من الحقوق العينية العقارية الأصلية، أو نقله، أو تقريره، أو تغييره، أو زواله، يجب على أمين المكتب إعطاء الطلب رقماً وقتياً، شهراً أو قيداً، فى سجل خاص لكل منهما بعد سداد الرسم المقرر، ويتحول الرقم الوقتى إلى رقم نهائى، وتترتب عليه الآثار المترتبة على شهر المحرر أو قيده، وذلك عند عدم الاعتراض عليه أو رفض الاعتراض. ويكون الاعتراض على صدور الرقم الوقتى أمام قاضى الأمور الوقتية خلال شهر من تاريخ نشره بإحدى الصحف اليومية واسعة الانتشار على نفقة صاحب الشأن، ويصدر القاضى قراره مسبباً بقبول الاعتراض وإلغاء الرقم أو برفض الاعتراض، وذلك خلال سبعة أيام من تاريخ رفع الاعتراض إليه مقروناً بالمستندات المؤيدة له، ويكون القرار الصادر فى هذا الشأن نهائياً. وعلى شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية عدم نقل المرافق والخدمات، أو اتخاذ أى إجراء مع صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذى يحمل رقم الشهر أو القيد. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون إجراءات وقواعد تنفيذ أحكام هذه المادة». وفى اعتقادنا أن هذا التعديل ليس كافياً لحل المشكلة، ونرى من الأنسب تبنى نظام التوثيق المطبق فى كل من الجمهورية الفرنسية والمملكة المغربية بشأن نقل الملكية العقارية، مع ما يستلزمه ذلك من إجراء بعض التعديلات على القوانين السارية ذات الصلة. وتتمثل الملامح الأساسية لهذا النظام فى ضرورة تحرير وإبرام العقد بواسطة الموثق كأصل عام، ويجوز تحرير العقد بشأن عقارات معينة بواسطة محامٍ مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض. وفى جميع الأحوال، يتحمل الموثق أو المحامى مسئولية كل ما يضمنه فى العقود من بيانات يعلم مخالفتها للحقيقة أو كان بإمكانه معرفتها أو العلم بها. وتقرر مدونة الحقوق العينية المغربية بطلان العقود العرفية المتعلقة بالعقارات. ولا تقبل الجهات القضائية دعوى تصحيح الإمضاء (تقابل دعوى صحة التوقيع) فى شأن العقارات. ونعتقد من المناسب تبنى مثل هذا النظام، كما نرى إلغاء اختصاص النيابة العامة بإصدار أمر وقتى فى شأن الحيازة. والله من وراء القصد.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3951 / عدد الاعضاء 62