اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
مشرف المنتدى
التاريخ
10/11/2020 3:18:23 PM
  المحاماة وتطبيق التيك توك      

المحاماة وتطبيق التيك توك المحاماة وتطبيق التيك توك بقلم: الدكتور أحمد عبد الظاهر – أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة ارتبط تطبيق تيك توك (TikTok) في أذهان الرأي العام المصري بحالات إساءة الاستخدام، والتي كان أبطالها بعض المراهقين ممن استخدموا هذا التطبيق في تصوير ونشر فيديوهات فاضحة، حيث صدرت أحكام قضائية بإدانة بعضهم بالحبس، كما هو الشأن في الحكم الصادر عن محكمة القاهرة الاقتصادية في الجنحة رقم (479) لسنة 2020م جنح اقتصادية القاهرة، بتاريخ السابع والعشرين من يوليو 2020م، والقاضي المتهمين الخمسة بالحبس لمدة سنتين مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهم ثلاثمائة ألف جنيه والمصادرة. والواقع أن تطبيق «تيك توك» برئ من هذه الممارسات الخاطئة، حيث يمكن استخدامه بشكل إيجابي في العديد من المجالات، وفي مختلف المهن. لقد أصبح تطبيق «تيك توك» ظاهرة عالمية منذ انطلاقه منذ عام تقريباً، أي في سنة 2019م. ويبدو أن هذا النجاح لم يأت من العدم، وإنما جاء بعد حملة ترويجية واسعة، حيث إن حملات الترويج لشبكة مشاركة الفيديو كانت قوية جداً لدرجة أنه لا يمكنك مشاهدة مقطع فيديو على موقع يوتيوب (YouTube) أو المرور عبر صفحات مواقع الويب دون رؤية إعلان يشجعك على الاشتراك في التطبيق. وحيث إن شركة «تيك توك» عينت مؤخراً رئيس تنفيذي جديد لها، وهو الرئيس السابق لشركة والت ديزني، السيد/ كيفن ماير، فإن البعض يتوقع بل ويؤكد أن تطبيق «تيك توك» سوف يستمر في التسلل إلى حياة الناس، وهذا يقدم فرصة تسويق جديدة. ورغم أن هذه التوقعات سابقة على المشاكل التي تعرض لها التطبيق في نزاعه مع الإدارة الأمريكية الحالية، فالمؤكد أن التطبيق سيظل رقماً كبيراً لعدة سنوات قادمة. وبالنسبة لأولئك الذين لم يقوموا بتجربة منصة «تيك توك» حتى الآن، فإن هذا المنصة عبارة عن تطبيق لمشاركة الفيديوهات القصيرة، حيث يسمح للمستخدمين بإنشاء ومشاركة مقاطع فيديو مدتها 15 ثانية. وقد تم استخدام التطبيق في السابق من قبل الجيل الأخير للغناء بتحريك الشفاه مع المقطوعات الموسيقية أو المقاطع «الأيقونية» من التلفزيون أو الأفلام، وقد دفع ذلك البعض إلى القول، وبكل صراحة، إن تطبيق تيك توك كان طريقة عادية لتمضية الوقت، ومع ذلك، من خلال الكلام الشفهي والاندماج مع منصة فيديو أخرى، وهي (music.ly، أصبح تطبيق تيك توك أحد أكثر التطبيقات شعبية في العقد الماضي مع أكثر من 1.5 مليار عملية تنزيل، ومع هذا الجمهور الكبير، بدأ المسوقون في تبني المنصة. وهكذا، بدأت الشركات التي تستهدف الأطفال في الأصل في إنشاء محتوى جذاب للغاية لها على تطبيق تيك توك، وكانت واشنطن بوست قد اعتمدت هذه المنصة في وقت مبكر، حيث قاد المنتج «ديف جورجينسون» مخرجات النشر. وبالنسبة للصحيفة الأمريكية الشهيرة، لقد ساعدت المنصة في نشر هويتها العامة واستقطاب أطياف متنوعة؛ إذ لن ترى المراسلين يناقشون آخر الأخبار السياسية أو الأخبار الدولية، وبدلاً من ذلك ستجد «ديف» يعزف على البيانو مع كلبه أو يعرض ما ستكون عليه صحيفة واشنطن بوست في تاريخ معين. وكان لمقاطع الفيديو أثر كبير في مساعدة العلامة التجارية على البروز والتفوق على منافسيها. فالمنصة تساعد في إضفاء الطابع الإنساني على المراسل وإظهار الشخص الذي يقف وراء الورقة. وهذا يساعد في تعزيز مصداقية المراسلين وقابلية الإعجاب بهم – والرسالة هي أننا مثلكم. والمراد من وراء ذكر هذا المثال ليس دعوة الجميع إلى الخروج وإجبار الحيوانات الأليفة على العزف على الآلات الموسيقية، ولكن القصد والهدف هو التأكيد على أن شركات التسويق بحاجة إلى التفكير خارج الصندوق لإنشاء محتوى فعال. والعلامة التجارية الأخرى التي استخدمت تطبيق «تيك توك» بشكل فعال هي المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) وبخلاف صحيفة الواشنطن بوست، يستخدم المنتدى الاقتصادي العالمي المنصة لمشاركة المعلومات والبيانات، أي أن المنتدى لم يستخدم(TikTok) للترويج لعلامته التجارية، ولكنه استخدمها بدلاً من ذلك لاحتضان هويته وعلامته التجارية من خلال مقاطع الفيديو القصيرة. وقد أثبت هذا النهج فعاليته مع 1.3 مليون مشترك في قناة (WEF). وفيما يتعلق بالمهن القانونية بوجه عام، ورغم أن ثمة نوع من العداء التقليدي في بلادنا العربية بين المهن القانونية وبين أساليب الدعاية والإعلان، يمكن أن نشير إلى بعض التجارب الرائدة في شأن استخدام تطبيق تيك توك لنشر المعرفة القانونية والترويج والدعاية. فعلى سبيل المثال، ثمة تجربة رائدة لأحد خريجي القانون من جامعة أكسفورد، ويدعى «توبي ولكوكس»، والذي قام بإطلاق مدرسة تيك توك للقانون (TikTok Law School)، حيث قام بنشر سلسلة من مقاطع الفيديو لمساعدة خريجي القانون الراغبين في ممارسة مهنة المحاماة. وفي مقاطع الفيديو التي قام بتصويرها وإطلاقها حتى تاريخه، والتي يزيد مجموعها على واحد وخمسين ألفاً، وتبلغ مدة كل فيديو منها دقيقة واحدة فقط، يقدم ويلكوكس خلاصة دراسته ونصائحه المهنية للجماهير، بدءاً من ملخصات سريعة لقضايا السوابق القضائية، وصولاً إلى تقديم بعض النصائح المفيدة للتحضير للاختبارات. وفيما يتعلق بمهنة المحاماة على وجه الخصوص، يمكننا الإشارة إلى بعض الممارسات المطبقة بواسطة بعض المحامين وبعض شركات المحاماة في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك على الرغم من أن البعض قد يثير التساؤل حول مشروعيتها في ظل النصوص الواردة في قوانين المحاماة العربية، والتي تحظر على المحامي أن يتخذ في مزاولة مهنته وسائل الدعاية أو الترغيب، حيث إن الثقافة القانونية الأنجلو سكسونية تبدو مختلفة بعض الشيء في هذا الشأن. ففيما يتعلق بشركات المحاماة، يطرح بعض الكتاب في المملكة المتحدة التساؤل عما إذا كان مفيداً لشركات المحاماة أن تستخدم تطبيق «تيك توك». وفي الإجابة عن هذا التساؤل، يؤكد هؤلاء أن هناك فرص للمحامين للتواصل مع مواليد هذه الألفية والشباب من خلال هذه المنصة. ومن ثم، وللاستفادة من المزايا التي يوفرها هذا التطبيق، يجب أن يتبنى القطاع القانوني نوعية الفيديوهات القصيرة لمشاركة النصائح القانونية على (TikTok) وعلى أرض الواقع، بدأ بعض المحامين الأمريكيين فعلاً، مثل المحامي براد شير، في القيام بهذا الأمرK ومع ذلك، فإن هذا الحد الأدنى من النشاط يتركز على سوق القانون الأمريكي. ومع ذلك، ورغم أن تجربة الاستفادة من تطبيق تيك توك في الترويج للأنشطة المهنية القانونية لا تزال قاصرة على مكاتب المحاماة الأمريكية، يرى بعض الكتاب البريطانيين أن الفرصة لا تزال متاحة لشركات المحاماة في المملكة المتحدة لبدء التسويق من خلال تطبيق (TikTok) ولكن أي شركة محاماة تقرر اغتنام هذه الفرصة، هي في الحقيقة بحاجة إلى أن تضع استراتيجية واضحة، مع ضرورة فهم جمهور تيك توك، بما في ذلك نوع اللغة ونبرة الكلام والسياق الأوسع الذي يعمل فيه جمهور هذا التطبيق الذي يمكن نعته بأنه تطبيق للمراهقين والشباب بشكل أساسي. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يكون المحامي شجاعاً ويتميز بالصبر واتباع سياسة النفس الطويل. ففي الأغلب الأعم من الأحوال، وعند تبني منصات تسويق جديدة، دائماً ما تواجه الشركة بعض المشكلات الأولية، ولكن إذا جرى التعامل مع الأمر بشكل صحيح، فستكون المنافع أكبر دائماً من المشكلات. وما دمنا نتكلم عن استخدام تطبيق تيك توك بواسطة مكاتب المحاماة، فلا يمكن أن يفوتنا الإشارة إلى المحامي الأمريكي، «أنتوني باربوتو»، الحاصل على ترخيص لممارسة القانون في فلوريدا وكاليفورنيا ونيوجيرسي، ولديه عدد كبير من العملاء في ويلينجتون بولاية فلوريدا الأمريكية، كما يعمل حالياً على الدعاوى الجماعية، محاولاً أيضاً استكشاف فرص تمثيل العملاء في الدعاوى المتعلقة بخسائر استثمارات العملة المشفرة (العملات الرقمية). وقد أثار المحامي المذكور ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، مع وجود أكثر من 1.2 مليون متابع على حسابه في تطبيق الهواتف الذكية تيك توك. إذ يتحدى أنتوني الصور النمطية للمحامين، من خلال إنشاء مقاطع فيديو قصيرة، عبارة عن مزيج زاخر من الكوميديا والرقص وتقليد المغنيين. ويُعرف أنتوني على تطبيق تيك توك باسم المحامي (The lawyer)، وعادةً ما يعلق معجبيه معبرين عن فرحهم بمشاهدة التباين الفكاهي عند رؤية محامٍ يرقص في مكتبه القانوني. ووفقاً لأنتوني، فإن مهنة المحاماة هي واحدة من أكثر المهن انتقاداً وكرهاً. ولدحض هذه الفكرة، يوضح أنتوني، من خلال مقاطع الفيديو الخاصة به، أن المحامين يمكن أن يكونوا في الواقع نافعين وعاطفين وخفيفي الظل، حتى ولو كانوا في مكان العمل، ويتحدى أنتوني الصور النمطية التقليدية للمحامين عن طريق نشر مقاطع الفيديو الخاصة به والمليئة بروح الدعابة والحيوية والمرح. ومن خلال تقديم القانون كمهنة أكثر متعة وجاذبية، ألهم أنتوني عدداً لا يحصى من الشباب لممارسة عملهم كمحامين، أو كأي مهنة أخرى جادة، حيث تعتبر الفكاهة في مكان العمل من المحرمات تاريخياً. وأثناء عمله كنموذج يحتذى به للشباب، يلهم أنتوني البالغين أيضاً للتعامل مع حياتهم بفرح وحماس أكبر. وقد حاول أنتوني توضيح وبيان مهمته وهدفه بإيجاز، قائلاً: «إن هدفي ليس فقط تحقيق التوازن بين ضغوط مكان العمل والمتعة اللطيفة، ولكن أيضاً لإلهام الشباب وتشجيعهم على ألا يفقدوا أبداً روح الدعابة». وحيث إن أنتوني يجذب مجموعة واسعة من الأعمار، فإنه في وضع فريد في عالم وسائل التواصل الاجتماعي؛ فمكانته على وسائل التواصل الاجتماعي هي نقطة التقاء العديد من المجموعات الديموغرافية المتباينة. وخارج نطاق تيك توك، طور أنتوني مدونة تعنى بالثقافة الإيطالية الأصيلة، حيث يُعرف باسم (italianenthusiast) على كل من موقع التواصل الاجتماعي (Instagram) وموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك (Facebook) ولذلك، يستند أنتوني إلى مزيج انتقائي من الأنماط الثقافية عند إنشاء مقاطع الفيديو الخاصة به – كل شيء من موسيقى الهيب هوب إلى موسيقى الريف الغربية إلى الإيطالية. ويعد التقاطع في هذه الاستخدامات المتعددة جزءاً مهماً من العلامة التجارية الخاصة بأنتوني. ومن خلال كسب هذا العدد الهائل من المتابعين خلال فترة وجيزة من الوقت، اجتذب أنتوني انتباه شــــــــركة تيك توك (Tik Tok)، التي اعترفت به على أنه مصمم محتوى مشهور. إن دوره المحامي انتوني كمبدع يمنحه الفرصة للتعاون مع خبراء وسائل التواصل الاجتماعي المبتكرين الآخرين في أحد أكثر التطبيقات تنزيلًا على الإطلاق (أكثر من مليار عملية تنزيل منذ فبراير 2019). وفي الختام، يهمنا التأكيد على أن الهدف من وراء نشر هذا المقال هو الانفتاح على الثقافات القانونية الأجنبية، ولو كانت مختلفة تماماً عن الثقافة القانونية اللاتينية التي تأثرت بها المنظومة القانونية المصرية، ولو كانت مغايرة لعاداتنا وتقاليدنا. المهم هو أن نعرف، ثم تأتي بعد ذلك عملية الفرز والانتقاء لما هو نافع وملائم لنا. وليس بالضرورة أن ننقل التجارب الأجنبية كما هي، وإنما يمكن تطويعها وإدخال بعض التعديلات عليها بما يجعلها ملائمة لثقافتنا وتقاليدنا وعاداتنا. وقد ينتهي بنا المطاف إلى رفض التجربة الأجنبية جملة وتفصيلاً.. المهم هو أن نعرف ما يدور حولنا في عصر العولمة الذي نعيش ونحيا فيه.. والله من وراء القصد… الوضع


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1190 / عدد الاعضاء 62