اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
مشرف المنتدى
التاريخ
10/26/2020 2:52:25 PM
  الدور المأمول من البرلمان القادم      

الدور المأمول من البرلمان القادم أحمد عبد الظاهر أُجريت فى شهر سبتمبر الماضى أول انتخابات للغرفة الثانية للبرلمان، بعد عودتها تحت مسمى «مجلس الشيوخ»، وذلك بموجب التعديلات الدستورية التى تمت فى العام 2019م. ومن المتوقع أن ينعقد أول اجتماع لمجلس الشيوخ خلال شهر أكتوبر الحالى، بعد أن يكتمل عقد المجلس باختيار الأعضاء المعينين بقرار من رئيس الجمهورية. ومن ناحية أخرى، تجرى حالياً انتخابات الغرفة الأولى للبرلمان، أى مجلس النواب، والذى يبدأ عمله فى العاشر من شهر يناير 2021م. ورغم أن البعض قد عبّر عن خشيته من أن يؤدى الأخذ بنظام المجلسين إلى تأخير عملية إصدار التشريعات، فإن استحداث مجلس الشيوخ بما يضمه من خبرات يمكن أن يؤدى مع مجلس النواب دوراً مهماً فى ضبط «النظام القانونى العام» فى المجتمع. وقد يستغرب بعض رجال القانون استخدام هذا المصطلح، وذلك بسبب تركيز الدراسات القانونية على دراسة كل فرع من فروع القانون كما لو كان جزيرة منعزلة عن غيره من الفروع الأخرى. والواقع أن ثمة نظام قانونى عام فى كل دولة. والمراد بمصطلح «النظام القانونى العام» هو مجموعة القواعد القانونية المطبقة فى الدولة والفلسفة العامة الحاكمة لها. وهذه القواعد تختلف باختلاف موضوعاتها، أى نوع العلاقات التى تنظمها، ولكنها تتحد فى صدورها عن ذات السلطة التشريعية، واتجاه خطابها وقوتها الإلزامية إلى ذات الأشخاص، وهى بالضرورة تشترك فى صدورها عن قيم اجتماعية واحدة، وتأثرها بالتنظيم السياسى والاقتصادى للمجتمع، واستلهامها ذات الغاية، وهى تنظيم المجتمع وفق خطة معينة. وعلى حد قول بعض الفقه، فإن «القواعد القانونية السائدة فى المجتمع متكاملة، فلا بد من تضامنها كى تعطى المجتمع التنظيم المطلوب، وهى متسقة، فلا يجوز أن يكون بينها تناقض قط، وهى فى النهاية متساندة، فتطبيق بعضها قد يقتضى الرجوع إلى البعض الآخر». وإذا كنا نتحدث عن «النظام القانونى العام» ككل متكامل، فمن باب أولى فإن كل قانون فى ذاته وبذاته هو كل متكامل، بحيث لا ينبغى أن يكون ثمة تنافر أو تناقض بين النصوص والأحكام الواردة فيه. وقد ورد النص على ذلك فى المادة (227) من الدستور المصرى الحالى الصادر عام 2014م، بنصها على أن «يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجاً مترابطاً، وكلاً لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه فى وحدة عضوية متماسكة». كذلك، وفى الإطار ذاته، ينص الفصل (145) من الدستور التونسى الحالى الصادر عام 2014م على أن «توطئة هذا الدستور جزء لا يتجرأ منه». ويضيف الفصل (146) من الدستور ذاته أن «تفسر أحكام الدستور ويؤول بعضها البعض كوحدة منسجمة». وإذا كان البعض يتحدث عن قاعدة «القانون ككل متكامل» باعتبارها قاعدة تفسيرية، ينبغى أن يضعها المفسر نصب عينيه، فهى فى اعتقادنا واجب والتزام تشريعى فى المقام الأول، بحيث ينبغى على السلطة التشريعية أن تعمد إلى تحقيق الاتساق بين مختلف القواعد القانونية الصادرة عنها. ومع ذلك، ورغم أن القواعد القانونية السارية فى الدولة ينبغى أن تكون متكاملة ومتسقة ومتناغمة، ورغم أن القاعدة التفسيرية تقول إنه ينبغى تنزيه المشرّع عن العبث واللغو، فإن ثمة العديد من الحالات التى يثور بشأنها الشك والتساؤل حول اتساق القواعد القانونية المطبقة فى الدولة. فعلى سبيل المثال، وفيما يتعلق بميعاد الطعن بالنقض، يلاحظ أن المشرّع المصرى قد وحّد بين ميعاد الطعن فى المواد المدنية والتجارية وبين ميعاد الطعن فى المواد الجنائية، بحيث يكون الميعاد فى الحالين ستين يوماً. أما فيما يتعلق بالطعن بالاستئناف، فإن المشرّع المصرى يمايز ويغاير بين ميعاد الطعن بالاستئناف فى المواد المدنية والتجارية الذى يبلغ أربعين يوماً، بينما ميعاد الطعن بالاستئناف فى المواد الجنائية هو عشرة أيام فقط. ولا أعتقد أن ثمة تبريراً أو تفسيراً لهذا الاختلاف البين. وعلى كل حال، فإن الشروح الفقهية لا تشير من قريب أو من بعيد لهذا التمايز أو الاختلاف، ولا يوجد فيها بالتالى أى تبرير أو تفسير فى هذا الشأن. وبالإضافة إلى ذلك، نعتقد أنه من الملائم أن يضع أعضاء البرلمان نصب أعينهم مدى تأثير ميعاد الطعن على الوقت المستغرق للفصل فى القضية منذ لحظة قيدها أمام محكمة أول درجة وحتى تاريخ الفصل فيها بحكم بات، وبما يؤدى إلى استقرار المراكز القانونية بشكل نهائى. ومن ثم، قد يكون من الملائم أن يهتم البرلمان فى مثل هذه المسائل بأثر القوانين والتشريعات على ترتيب الدولة فى المؤشرات الاقتصادية الدولية، مثل مؤشر التنافسية أو التقرير السنوى للتنافسية العالمية الذى يصدر عن مركز التنافسية العالمى التابع للمعهد الدولى للتنمية الإدارية ومؤشر سهولة الأعمال ومؤشر إنفاذ العقود الصادرين عن البنك الدولى.. والله من وراء القصد.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 4846 / عدد الاعضاء 62