اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
مشرف المنتدى
التاريخ
1/19/2021 9:42:33 AM
  حماية الأطفال في العصر الرقمي      

حماية الأطفال في العصر الرقمي أحمد عبد الظاهر أحمد عبد الظاهر الحقيقة أننى لم أكن أنوى تخصيص هذا المقال للحديث عن هذا الموضوع، ولكن جريمتين بشعتين حدثتا الأسبوع الماضى قادتا إلى تغيير بوصلة الكتابة، بحيث ارتأيت لزاماً علىّ أن أكتب عن «حماية الأطفال فى العصر الرقمى». وتتعلق الجريمة الأولى بواقعة مقتل الطفلة «فجر» فى الجيزة، وقيام المتهمين بإذابة جثتها فى برميل من البوتاس. وفى هذه الواقعة كشفت أوراق التحقيقات عن مفاجأة، حيث عثرت الأجهزة الأمنية على هاتف المجنى عليها مخبأ فى مسرح الجريمة، وتبين من خلال فحص الهاتف بواسطة رجال الأدلة الجنائية وجود صورة لأحد المتهمين فى وقت معاصر لارتكاب الجريمة التقطتها له المجنى عليها قبل تنفيذ جريمته. أما الجريمة الثانية، فهى قتل طفل يبلغ من العمر ثمانى سنوات فقط على يد سائق توك توك، وذلك بعد أن قام القاتل باستدراج الطفل محاولاً اغتصابه، ولكن الطفل قاومه فقام الجانى بخنقه حتى الموت. وبالإضافة إلى هاتين الجريمتين، نشرت الصحف خبراً عن تكثيف فريق مباحث مركز شرطة الفتح بمديرية أمن أسيوط جهوده، للبحث عن طفل يبلغ من العمر عشر سنوات، خرج لشراء مكرونة ولم يعد إلى منزله. ولعل ما يسترعى الانتباه فى الجريمتين سالفتى الذكر أن الطفلين المجنى عليهما قد حاولا بشكل أو بآخر مقاومة الجناة، رغم الفارق فى القدرات الجسدية والبدنية بين الجانى والضحية، ورغم هول الموقف وما قد يستدعيه من آثار على نفسية المجنى عليه. كذلك، تجدر الإشارة إلى تفتق ذهن المجنى عليها فى الجريمة الأولى عن الاستفادة بالهاتف المحمول الذى تستخدمه للمساهمة فى ضبط الجانى وكشف وسبر أغوار الجريمة. وتلك نقطة إيجابية يمكن البناء عليها فى توعية الأطفال بسبل مواجهة جرائم التحرش الجنسى والاغتصاب التى قد يكونون ضحية لها، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع مثل هذه المواقف. بل إن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يلعب دوراً مهماً فى هذا الاتجاه، بحيث تستخدم بعض التطبيقات الذكية فى إرسال إشعارات وتنبيهات إلى الجهات المعنية فى حالة حدوث أى محاولة للتحرش بالطفل أو الاعتداء عليه. ويمكن أن تقوم هذه التطبيقات بإرسال التنبيهات والإشعارات اللازمة من خلال قراءة نبضات قلب الطفل، حيث تقترن هذه المواقف بحالة خوف أو هلع من جانب الطفل، الأمر الذى ينعكس على نبضات قلبه. وقد شاءت الصدفة أن تتزامن هذه الوقائع مع محاضرة شرفت بإلقائها عن «استخدام الذكاء الاصطناعى فى حماية الطفل»، بالاشتراك مع الصديق العزيز الأمريكى الجنسية المستشار «هيرب ولفسون»، وذلك ضمن «برنامج التكوين الأساسى للتأهيل لمنح صفة الضبطية القضائية لاختصاصيى حماية الطفل التابعين لهيئة أبوظبى للطفولة المبكرة»، والمنعقد فى أكاديمية أبوظبى القضائية. وقد انعقدت هذه المحاضرة يوم الخميس الموافق الرابع عشر من يناير الحالى. والواقع أن هذه المحاضرة كانت استكمالاً لمحاضرة أولى نظرية عن الموضوع، بينما كانت المحاضرة الثانية عبارة عن تدريب عملى لمناقشة تقارير المتدربين فى سبل استخدام الذكاء الاصطناعى فى حماية حقوق الطفل. وبالنظر لأهمية المقترحات التى أدلى بها المتدربون، ارتأيت من المناسب أن أشارك القارئ العزيز بعض هذه المقترحات والأفكار. فمن ناحية أولى، اقترح بعض المتدربين تخصيص كاميرات ذكاء اصطناعى لتنبيه الإدارة فى حالة تسرب الأطفال أو التحرش أو العنف أو التنمر. واقترح البعض الآخر وضع أزرار إنذار يمكن للطفل الضغط عليها حال تعرضه للتنمر أو التحرش أو الخطف أو الاغتصاب. واقترح فريق ثالث من المتدربين استخدام الذكاء الاصطناعى فى الألعاب الإلكترونية للتنبؤ بالتصرفات. واقترح البعض الآخر استخدام الذكاء الاصطناعى فى برامج اليوتيوب لمتابعة المحتوى المقدم للطفل. واقترح البعض استحداث منصة إلكترونية لحماية الأطفال، لتمكين الأطفال من الإبلاغ عن الانتهاكات التى تقع ضدهم، وربط هذه المنصة بجميع المؤسسات المعنية بشئون الطفل. واقترح آخرون تطبيق أنظمة إلكترونية متطورة تلتقط كلمات الإساءة بشكل آلى على وسائل التواصل الاجتماعى، وذلك من خلال اكتشاف الكلمات والعبارات المرتبطة عادة بالإساءة وبحيث يتم تصفيتها تلقائياً وآلياً، كما هو الشأن بالنسبة للتهديدات والإهانات وحالات التحرش الجنسى على الشبكة المعلوماتية. وتحدث بعض المتدربين عن تطبيقات تساعد على مراقبة أجهزة الأطفال والتحكم فيها، مثل تطبيق (Mobicip)، وتطبيق (AppLock)، وتطبيق (Offtime)، وتطبيق (Qustodio). وفى الختام، تجدر الإشارة إلى أن المادة الثمانين الفقرة الثالثة من الدستور تلقى على عاتق الدولة التزاماً برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى. والوفاء بهذا الالتزام فى اعتقادى لن يتحقق على الوجه الأمثل إلا من خلال تعظيم الاستفادة بالذكاء الاصطناعى والتطبيقات التكنولوجية الحديثة فى مواجهة السلوكيات الإجرامية التى تستهدف أطفال اليوم.. شباب الغد.. عماد المستقبل. إن الجماعات الإجرامية لا تتوقف عن الاستفادة من التكنولوجيا فى ارتكاب جرائمها، وينبغى بالتالى علينا الاستفادة أيضاً من التكنولوجيا فى مواجهة الجرائم.. والله من وراء القصد.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3087 / عدد الاعضاء 63