الملكية(أجرآت القضايا العقارية بالمحاكم الشرعية)
(دراسة نظرية تطبيقية)
إذا وجد عقار (عمارة، بيت، مزرعة، محل، أرض) تحت يد شخص ثم ادعى شخص أن هذا العقار ملكه.
الإجراءات:
1/ يكون واضع اليد في موقف المدعى عليه.
2/ يتم ضبط دعوى المدعي ولا بد لتحرير دعوى المدعي من استيفاء ما يلي:
أ-        هل يوجد لديه صك ملكية؟
ب-     هل الصك مستوفٍ الإجراءات النظامية والشرعية؟
ج-      هل الصك ساري المفعول أو لا؟
د-       لا بد أن يحدد واضع اليد على العين هل هو المدعى عليه، أو المدعي أو طرف ثالث.
ه-        يذكر الموقع والحدود والأطوال والمساحة بما يميز العقار عن غيره.
3/ يسأل المدعى عليه عن الدعوى، فإذا أجاب بالمصادقة والإقرار على ملكية المدعي للأرض فيحكم برفع يد المدعى عليه ويفهم الطرفان بأن هذا الحكم لإنهاء الخصومة ولا يعول عليه في إثبات الملكية([1]), ما لم يوجد صك ملكية فيتم التهميش عليه بالحكم.
4/ إذا أجاب المدعى عليه بالإنكار فتطلب البينة من المدعي على دعواه.
5/ البينة في مثل هذه الأمور غالباً (صكوك، وثائق قديمة، صكوك خصومة وقسمة ومخارجة، وضع يد وتصرف، شهود).
6/ إذا أحضر المدعي بينة على الملكية فيكون من باب تعارض بينة الداخل مع بينة الخارج.
7/ وإذا صدر الحكم بأحقية أحد الطرفين يفهم الطرفان بأن الحكم لإنهاء الخصومة ولا يعول عليه في إثبات الملكية.
الفوائد:
الأولى: قد يتنازع طرفان في عقار بقصد إثبات الملكية لأحدهما ويعرف ذلك بالقرائن الآتية:
1-    أن لا يكون بيدهما صك ملكية.
2-    أن تكون الأرض غير  محياة.
3-    أن لا يكون لهما بينة أو مستند.
4-    سرعة حرصهما على إنهاء القضية صلحاً.
5-    إقرار أحدهما بملكية الآخر.
الثانية: لا ينظر للصكوك أو الوثائق التي تفيد تملك بعض القبائل للأراضي([2]).
الثالثة: الصكوك العائمة وهي التي لا تربط بمعلم ثابت (كشارع عام أو جبل أو واد أو مسيل ونحوها) أو لا تذكر حدود العقار وأطواله، لا يعول عليها لكونها يمكن تطبيقها على أماكن متشابهة.
الرابعة: أن قدم الصك لا يعني قدم الملك، فالعبرة بقدم الملك لا قدم الصك، فقد يكون حامل الصك استخرج صك الملكية قبل استخراج خصمه لصكه.
الخامسة: قد يغير بعض الأشخاص معالم الأرض ليأخذ ملك غيره، أو يضع معالم ليوهم بأن الإحياء قديم، فينبغي أن يتنبه القاضي لمثل هذه الحيل.
السادسة: يستحسن للقاضي في قضايا النزاع على العقارات الوقوف على موضع النزاع بحضور الطرفين وأرباب الخبرة حتى يتصور النزاع على الطبيعة.
ويكون حكمه أسهل في التطبيق وأقرب إلى الواقع.
السابعة: في دعاوى النزاعات في تملك الأراضي التي لا يوجد لها سبب للملكية ولا بينة موصلة للمتداعيين للتملك، ولا إحياء في الأرض فهنا يصدر حكم من القاضي برفع يد الطرفين عنها واعتبارها أرضاً مواتاً وذلك بعد وقوف القاضي عليها، وفي حالة عدم قناعة الطرفين أو أحدهما ترفع لمحكمة التمييز بصورة الضبط ولا يصدر بها صك لأنه ليس في مصلحة أحدهما
 
([1]) اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات ( 258/2).
([2]) التعميم رقم (13/ت/1647) في 21/10/1421هـ, المبني على قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (12/134/ت) في  8/7/1406هـ.
خيار العيب
وصورته: أن يشتري شخص من آخر عقاراً، ويتبين له أن فيه عيباً كالعيوب التي تؤثر على سلامة العقار، حينئذ يتقدم بدعوى ضده.
الإجراءات:
1/ تضبط دعوى المدعي ويذكر فيها العقار وموقعه وحدوده وأطواله وتاريخ الشراء والثمن وتاريخ علمه بالعيب ويطلب فسخ البيع لوجود العيب.
2/ يسأل المدعى عليه عن الدعوى ولا بد أن يصادق على البيع والعقار وموقعه وحدوده وأطواله وتاريخ البيع والثمن.
3/ إن أقر بالعيب فحينئذ يحكم بفسخ البيع وإعادة الثمن إلى المدعي.
4/ إن أنكر العيب أو نفى علمه به فحينئذ يتم الكتابة إلى مهندس المحكمة للوقوف مع قسم الخبراء والإفادة عن العيب.
5/ إذا ورد التقرير من قسم الخبراء بوجود العيب فيتم الحكم بفسخ البيع وإعادة الثمن، وأما إذا ورد التقرير بعدم وجود العيب أو كونه حادثاً لدى المشتري فيصرف النظر عن دعوى المدعي.
6/ إذا لم يوجد مهندس في المحكمة، أو كان العيب خفياً ويحتاج في معرفته إلى أجهزة غير متوفرة بالمحكمة فيعرض القاضي على الطرفين اختيار مكتب هندسي معتمد لديه خبرة وأجهزة تقوم بذلك فإذا تم اختياره فتتم الكتابة له فإذا ورد تقريره فيعامل معاملة تقرير مهندس المحكمة.
7/ صيغة الحكم في حال اختيار الفسخ بما يأتي (... فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة, وبناءً على التقرير الهندسي لذا فقد ثبت لدي أن العقار محل النزاع معيب عيباً شرعياً، ونظراً لاختيار المدعي الفسخ لذا فقد حكمت بانفساخ بيع المدعى عليه على المدعي العقار المذكور وعليه يلزم المدعى عليه رد الثمن وقدره...).
8/ صيغة الحكم في حال اختيار الأرش بما يأتي: (... فبناءاً على ما تقدم من الدعوى والإجابة وبناءاً على التقرير الهندسي ونظرا لاختيار المدعي إمساك المبيع مع الأرش، لذا فقد حكمت على المدعى عليه ... بدفع أرش العيب وقدره ... للمدعي...).
المسائل:
الأولى: أن خيار العيب على الفور فإذا تراخى فيه أو ثبت استعمال المشتري للمبيع بعد علمه بالعيب فيسقط حقه في الخيار([1]).
الثانية: للمشتري حق المطالبة بالأرش, فإن قبل البائع تسليم الأرش وإلاّ فللمشتري المطالبة بالفسخ, وإذا طلب الأرش فيسقط حقه في المطالبة بالفسخ ابتداءً([2]).
الثالثة: من اشترى بيتاً بصك شرعي ثم سكنه عدة سنوات، ثم ادعى عليه آخر بأن البيت ملك له وثبتت دعوى المدعي، فهل له أن يطالب المدعى عليه بأجرة عن المدة التي سكنها في البيت؟ هنا للقضاة رأيان:
الرأي الأول: بعض القضاة يعتبر المدعى عليه غاصباً، وعليه فيحكم عليه بأجرة المدة التي مكثها, وله الرجوع بما دفعه من الأجرة على من باعه؛ لأن قرار الضمان عليه.
الرأي الثاني: بعض القضاة يعتبره مالكاً العقار بسبب صحيح ظاهر، وعليه فلا يحكم عليه بأجرة المدة التي مكثها؛ لأنه ليس بغاصب فهو مشترٍ. وهذا هو الأقرب عندي، ويمكن للمدعي مطالبة الغاصب الذي غصب العقار وباعه على المدعى عليه بأجرة سكن المدعى عليه وذلك إذا ثبت كونه غاصباً ومثله لو علم المدعى عليه بأن المبيع مغصوب([3]).
الرابعة: من العيوب في العقارات: الأراضي المدفونة التي تحتاج لحفر حتى تصل إلى الأرض الصلبة، فإذا علم المشتري بالدفان فيرجع به إلى العرف هل يعد هذا الدفان عيب أو أنه دفان يسير لا يثبت به خيار عيب.
الخامسة: هل العيب هو ما ينقص القيمة أو ما ينقص العين أو ما يكون للعاقد غرض صحيح في عدمه، خلاف بين أهل العلم([4]).
السادسة: إذا ثبت خيار العيب فاختار الفسخ فهل يرجع على الدلال بما دفعه له من السعي؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة بناء على خلافهم في خيار العيب هل هو إبطال للعقد من أصله أو من حينه؟
فإذا قلنا إنه إبطال للعقد من أصله فيرجع على السمسار بما دفعه له من السعي.
وإذا قلنا إنه إبطال للعقد من حينه فلا يرجع على السمسار، ولعل هذا هو الأقرب؛ لأن السمسار أخذ أجرته على عمل معين قام به، إلا إذا كان السمسار يعلم بالعيب ودلس على المشترى فحينئذ يلزمه رد ما أخذ([5]).
([1]) ينظر: المغني (4/257) شرح منتهى الإرادات (2/35).
([2]) ينظر: المغني (6/225)، شرح منتهى الإرادات (2/45).
([3]) ينظر: المغني (7/364،399).
([4]) ينظر: الموسوعة الفقهية (20/79).
([5]) ينظر: مسائل السمسرة للأبياني (35)، الوساطة التجارية للأطرم (390).
خيار الشرط
إذا اشترى شخص عقاراً من آخر وشرط له الخيار مدة معينة له أو لهما ثم اختار من له الخيار الفسخ فجمهور أهل العلم على جواز خيار الشرط دون مدة محددة([1]).
إذا رفض أحد المتبايعين الخيار وأقام الآخر دعوى:
الإجراءات:
1/ تضبط دعوى المدعي ويذكر فيها العقار وموقعه وحدوده وأطواله وتاريخ الشراء والثمن وشرط الخيار ومدته واختيار الفسخ وتاريخه وطلب الحكم به.
2/ يسأل المدعى عليه عن الدعوى ولا بد أن يصادق على البيع والعقار وموقعه وحدوده وأطواله وتاريخ البيع والثمن وشرط الخيار ومدته.
3/ إن أقر بشرط الخيار وأنكر اختيار المدعي للفسخ في مدة الخيار فحينئذ يثبت الخيار وتنحصر الدعوى في وقوعه وتاريخه.
4/ إن أنكر الخيار فحينئذ تنحصر الدعوى في إثبات الخيار.
5/ إذا ثبت الخيار فيحكم بفسخ البيع لأن المدعى عليه قد أنكر أصل الشرط فإذا ثبت الأصل فيكون القول قول المدعي في وقوعه.
6/ يصاغ الحكم في حال الفسخ بما يلي: (... فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة, ونظراً لثبوت شرط الخيار بين الطرفين، ونظراً لاختيار المدعي الفسخ، لذا فقد ثبت لدي انفساخ بيع المدعى عليه على المدعي العقار المذكور، وبه حكمت وعليه يلزم المدعى عليه رد الثمن وقدره ...).
المسائل:
الأولى: خيار الشرط جائز ما لم يكن حيلة لبيوع الأمانة, وهي أن يطلب شخص قرضاً من آخر مقابل أن يأخذ المقرض منفعة كمنزل مثلاً ويشترط الخيار مدة القرض كاملة فيستفيد المقرض من المنزل مدة الخيار, ويستفيد المقترض من القرض وفي نهاية المدة يعيد المقرض المنزل للمقترض ويعيد المقترض القرض للمقرض، فهذا قرض جر نفعاً فهو ربا وإن كان ظاهره خيار شرط([2]).
الثانية: قاعدة: الأصل في الشروط العدم, فإذا لم يثبت الشرط ببينة وحلف المنكر على عدمه فيحكم القاضي بصرف النظر عن دعوى المدعي, ويحكم بثبوت البيع وصحته.
الثالثة: قاعدة: الأصل لزوم البيع وعدم ثبوت الخيار فيه([3])، وبناء عليه من يدعي الخيار فعليه إثباته.
الفوائد:
الأولى: دفع العربون ليس دليلاً على وقوع البيع, لكنه قرينة تقوي جانب مدعي البيع.
الثانية: ينبغي عدم الخلط بين وقوع العقود وبين كتابتها، فالعقد يتم بمجرد وقوعه بوجود أسبابه وشروطه وأركانه وانتفاء موانعه، ولو لم يتم تدوينه بورقة أو توثيقه لدى جهة رسمية، فبيع العقارات يتم بمجرد حصول الإيجاب والقبول بين طرفين جائزي التصرف، ولو لم يتم إفراغ لدى كتابات العدل، لأن الإفراغ أمر تنظيمي لا علاقة له بحصول العقد.
([1]) ينظر : المغني (6/38)، المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف (11/284)، حاشية الروض المربع ( 4/420-421).
([2]) ينظر في تحريم القرض الذي جر نفعاً: المغني (6/436)، شرح منتهى الإرادات (3/328)، وينظر في تحريم اشتراط الخيار للتحايل على الانتفاع بالقرض: المغني (6/47)، الشرح الكبير (11/301).
([3]) ينظر: مغني المحتاج (2/56)، شرح ميارة (2/58).


                                        هذا وتمنياتنا للجميع بالتوفيق ،،،
                          المحامي : فهد بن منصور العرجاني
  ايميل :methag-alahd@hotmail.com