عــلاج العشـــق

من هدي القرآن والسنة

( الحلقة الاولي )

عرض وتلخيص : صالح عينر

الانسان جسد .. وروح ..

اما الجسد فغذائه يستمد من الارض ..

واما الروح فغذاؤه الحقيقي عن طريق القلب ..!

والجسد له امراضه التي تعتريه .. وله طرق علاجه ..

والقلب له امراضه التي يشربها .. وله طرق علاجه ..

وكما ان امراض الابدان اذ اهملت ربما تفتك بالجسد فتدمره تدميرا ..

فان امراض القلوب اخطر واشد تنكيلاً ..

وامراض الابدان بالنسبة للمسلم اهون بكثير من اكراض القلوب ..

لان المسلم قد يصاب بمرض بدني .. حتي لو ادي به الي الموت .. لكن اذا كان قلبه عامراً بالايمان ومطمئنا بذكر الله .. فلن يخسر اخرته .. بل ربما يكون هذا المرض البدني اذ صاحبه صبر في مرحله اولي .. ورضي بالقضاء والقدر في مرحله ثانية رافعاً من شأن المؤمن في الاخرة ..

لكن مرض القلب قد يتسبب في افساد الجسد دنيا واخره .. فيموت صاحبه والعياذ بالله وقد ضيع دنياه .. وخسر اخرته ..

ومن ثم فالامراض التي تصيب الانسان نوعان ؛ امراض ابدان ؛ وامراض قلوب ..!

وهما نوعان مذكوران في كتاب الله تعالي ؛ ففي شأن المرض البدني قال جل شأنه :

 

أمــرا ض الأبــدن

وقد اجزم العلماء والاطباء المتخصصون أن طب الابدان له ثلاثة أسس :

الاساس الاول : حفظ الصحة العامة  .

الاساس الثاني : استفراغ المواد الفاسدة وطردها .

الاساس الثالث : الحماية والبعد عن المؤذي .

وهي اسس ذكرها المولي جل شأنه في مواضعها من القرآن الكريم :

 

الاساس الأول : ففي مجال حفظ الصحة العامة :

{ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }

البقرة الاية 184

فمن أجل المحافظة علي الصحة العامة ؛ واحتفاظ المسلم بقوته وصحته ؛ أباح الله تعالي له الفطر أثناء السفر ؛ واثناء المرض ؛ فالمنشقة الشديدة في السفر مع الصيام قد تضعف المسلم او  تهلكه ؛ وكذلك اجتماع المرض والصيام ؛ لذا فقد اباح الله تعالي ورخص بالفطر للمريض أو المسافر ؛ حفاظاً علي الصحة العامة .

 

الاساس الثاني : وفي  استفراغ المواد الفاسدة وطردها :

{ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}

سورة البقرة الاية 196

فقد أباح المولي جل شأنه للمريض ؛ ومن به أذي من رأسه ؛ من قمل ؛ أو حكة ؛ أو غيرهما أن يحلق رأسه في الاحرام ؛ وذلك استفراغا لمادة الابخرة الرديئة التي أوجبت له الاذي في رأسه اذا احتقنت تحت الشعر ؛ فإذا حلق رأسه ؛ تفتحت المسام ؛ فخرجت تلك الابخرة من خلال هذه المسام ؛ وهذا استفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذي انحباسه في اي موضع اخر من الجسد .

والاشياء التي يؤدي انحباسها عشرة :

الدم اذا هاج – والمني اذا نبع - والبول – الغائط – الريح – القيء – العطاس – النوم – الجوع – العطش .

فكل واحد من هذه العشرة اذا احتبس يؤدي الي نوع من انواع المرض ..

وقد نبه الله تعالي علي ادناها .. وهو البخار المحتقن في الأس علي الستفراغ ما هو اصعب منها .. كما هي طريقة الايات القرآنية دائما .. التنبيه بالادني علي ما هو أعلي ..!

 

الاساس الثالث : الحماية والبعد عن المؤذي :

{ وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً  }

سورة النساء الاية 43

فإذا كان استعمال الماء للمريض يؤذيه ؛ فقد اباح الله تاعلي للمريض ان يستبدله بالتراب ، حماية للمريض من الاذي ودفعا للمضر به  ،وهذا تنبيه علي قواعد الحماية من  كل مؤذي ؛ سواء أكان المؤذي من الداخل أو الخارج ..!

 

نوعي طب البدن :

وطب الابدان يقوم علي نوعين :

النوع الاول : نوع فطر الله تعالي عليه :

وهو لايحتاج الي معالجة طبيب ؛ كتناول الجائع لطعام ؛ والظمئآن للماء ، والبردان للتدفئه ، والراحة للتعبان .. وهكذا ..

النوع الثاني : ما يحتاج الي فكر وتأمل :

كدفع الامارض الحادثة التي تخرج بالمزاج عن طبيعته ، من الاعتدال الي الحررة .. او الي الرطوبة .. او الي اليوبوسة .. ومن هنا وجب معرفه سبب المرض  .. ثم تشخيصه .. ثم وصف الدواء ..!

وهناك قاعدة أصولية في طب الابدان ، جاءت في طب الحبيب المصطفي صلي اله عليه وسلم  ؛ الا وهي : اذا كان يمكن التداوي بالغذاء فلا يعدل عنه الي الدواء ؛ فكل داء قدر علي دفعه بالغذاء فهو اوجب ،  فالادوية من جنس الاغذية وتستخرج في غالبها منها ..

وقد امر النبي صلي الله عليه وسلم بالتداوي في غير موضع :

ففي صحيح البخاري : عن عطاء ؛ عن ابي هريرة قال : ؛ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( ما أنزل الله من داء الا أنزل معه شفاء )

( أخرجه البخاري 7/158 وابن ماجه 3439  )

ولما كان موضوع بحثنا ليس طب الابدان .. وانما طب القلوب فلسوف نكتفي بهذا القدر لننتقل الي موضوع البحث .

 

أمــرا ض القلوب

وتصاب القلوب بنوعين من الأمراض :

النوع الأول : مرض شبه وشك .

والنوع الثاني : مرض شهوة وغي .

 

فمن النوع الأول : شك وشبهة :

 قوله تعالي :

{ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً }

سورة البقرة الاية 10

{ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً  }

سورة المدثرالاية 31

 

{   وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (50)  }

سورة النور

ومن النوع الثاني : شهوة وغي :

قال الله :

 

{ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ  }

سورة الاحزاب الاية 32

فهذا المرض هو مرض الشهوة والغي من جريمة الزني .

والعشق مرض من امراض القلوب ، وهو مرض مخالف لسائر الامراض من حيث ذاته ؛ واسبابه ؛ وعلاجه ؛ وهو مرض جد خطير ، اذا استحكم ؛ تمكن من القلب ؛ وعز علي الاطباء دواوؤه ؛ وأعيا العليل داؤه ؛ وقد حكاه القرآن الكريم عن طائفتين من الناس ..

(((((( للمزيد برجاء متابعة موقع نصرة رسول الله منتدي الابحاث العلمية )))))

الي اللقاء في الحلقة القادمة

مع تحياتي

صالح عينر