هل توجد جرائم وعقوبات منصوص عليها في مشروع الدستور؟؟
- تعليق على نص المادة 76 من الدستور-
بشأن ما أثير مؤخرا حول تفسير نص المادة 76 من مشروع الدستور فيما تضمنته المادة من أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستوري أو قانوني.. وقد تسائل البعض لماذا جملة ..(- إلا بنص دستوري-) فهل الدستور ينص فيه على جرائم وعقوبات حيث أن ذلك الأمر منوط بالمشرع البرلماني فقط بحسبان أن القوانين هي التي تنص على الجرائم والعقوبات وليس الدستور
وقد أدخل البعض مخاوف من هذه الجملة بتلك المادة بمقولة أنها تخفى شيء ما.....وردا على ذلك- من وجهة نظر قانونية خاصة –:-
*** أن مشروع الدستور قد تناول – صراحة ولفظا النص على بعض الجرائم ،، وكذا بعض العقوبات وأن نص المادة 76 من الدستور قد قصد تلك الجرائم الواردة به وذهب إلى هذا المعنى دون غيره – فلو وقفت الجملة عند القول بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني دون ذكر كلمة نص دستوري – الأمر الذي يكون معه كافة الجرائم والعقوبات منحصرة فقط على تلك التي أوردها القانون دون الواردة بالدستور نظرا لو كان النص تضمن كلمة – لا جريمة إلا بقانون فقط (دون دستوري) - ومن ثم كان لزاما على المشروع الدستوري أن يتضمن النص على جملة إلا بنص دستوري
لأن هناك جرائم وعقوبات منصوص عليها في الدستور وليس القانون فهل كان يستقيم نص المادة 76 من الدستور لو كان نصها -...لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في القانون...- دون ذكر بنص دستوري مما قد يخلق تعارض بين النصوص وتكون الجرائم المنصوص عليها بالدستور ليست محل تطبيق.
وهناك من الجرائم والعقوبات العديدة المنصوص عليها بمشروع الدستور منها على سبيل المثال لا الحصر:-
1-الجريمة المنصوص عليها بالمادة (79) وهى خاصة بجرائم امتناع الموظف العام عن تنفيذ الأحكام وتعطيل تنفيذها وأحقية الصادر لصالحة الحكم تحريك الدعوى الجنائية مباشرة حيث تنص المادة79 على((تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، وامتناع الموظف العام المختص عن تنفيذها أوتعطيل تنفيذها جريمة يعاقب عليها القانون. وللمحكوم له في هذه الحالة حقرفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة..))
2-الجريمة المنصوص عليها بالمادة (80) وهى خاصة بجرائم الاعتداء على الحقوق والحريات المكفولة بالدستور وأن الاعتداء على الحقوق والحريات جريمة حيث تنص على ))كل اعتداء على أي من الحقوق والحريات المكفولة في الدستور جريمة لا تسقط عنها الدعوى الجنائية ولا المدنية بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضا عادلاًلمن وقع عليه الاعتداء. وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية عنها بالطريق المباشر.وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذهالحقوق، وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منضما إلى المضرور، وأن يطعنلمصلحته في الأحكام.))
3-الجريمة المنصوص عليها بالمادة (152) والخاصة بجريمة الخيانة العظمى بالنسبة لرئيس الدولة...حيث تنص المادة على ((يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى؛ بناء على طلبموقع من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل؛ ولا يصدر قرار الاتهام إلابأغلبية ثلثي أعضاء المجلس.
وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله؛ ويعتبر ذلك مانعامؤقتا يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته حتى صدور الحكم.ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلىوعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وأقدم رئيسينبمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام. وإذا قام بأحدهمامانع حل محله من يليه بالأقدميةوينظم القانون إجراءات التحقيق والمحاكمة ويحدد العقوبة؛ وإذا حكم بإدانةرئيس الجمهورية أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى.))
4-الجريمة المنصوص عليها بالمادة (166) والخاصة بالجرائم التي تقع من رئيس مجلس الوزراء أو أي من أعضاء الحكومة، بما قديقع منهم من جرائم خلال تأدية أعمال مناصبهم أو بسببها...حيث تنص المادة (( لرئيس الجمهورية، وللنائب العام، ولمجلس النواب بناء على طلب موقع من ثلثأعضائه على الأقل، اتهام رئيس مجلس الوزراء أو أي من أعضاء الحكومة، بما قديقع منهم من جرائم خلال تأدية أعمال مناصبهم أو بسببهاوفى جميع الأحوال لا يصدر قرار الاتهام إلا بموافقة ثلثي أعضاء مجلسالنواب، ويوقف من يتقرر اتهامه عن عمله إلى أن يقُضى في أمره، ولا يحولانتهاء خدمته دون إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فيها.))
*** فهذه جرائم وعقوبات منصوص عليها في الدستور وليس القانون فهل كان يستقيم نص المادة 76 من الدستور لو كان نصها -...لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في القانون...- دون ذكر بنص دستوري مما قد يخلق تعارض بين النصوص وتكون الجرائم المشار إليها آنفا ليست محل تطبيق
**** ومن ثم - نرى- أن النص بما عليه الآن سليما وصحيحا حيث لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستوري أو قانوني.
مجدي أحمد عزام
المحامى بالنقض