الهيئة الموقرة
وحيث إن من المقرر في القضاء الشامخ للمحكمة الدستورية العليا ، أن الضريبة العامة هي التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة تنبسط عليها دون سواها ، ويتحدد المخاطبون بها فى إطار هذه الدائرة وحدها · بل يعتبر تحقق الواقعة المنشئة لها على امتدا النطاق الاقليمى للدولة - وبغض النظر عن تقسيماتها الإدارية - مرتبا لدينها في ذمة الممول ، بما مؤداه تكافؤ الممولين المخاطبين بها في الخضوع لها دون تمييز ، وسريانها بالتالي - بالقوة ذاتها - كلما توافر مناطها في أية جهة داخل الحدود الإقليمية للدولة· ولا يعنى ذلك أن يتماثل الممولون فى مقدار الضريبة التي يؤدونها ، بل يقوم التماثل على وحدة تطبيقها من الناحية الجغرافية ، فالتكافؤ أو التعادل بينهم ليس فعليا ، بل جغرافيا ·
(4) وحيث إن الدستور أعلى شأن الضريبة العامة ، وقدر أهميتها بالنظر إلى خطورة الآثار التي ترتبها ، وبوجه خاص من ناحية جذبها لعوامل الإنتاج أو طردها أو تقييد تدفقها، وما يتصل بها من مظاهر الانكماش أو الانتعاش ، وتأثيرها بالتالي على فرص الاستثمار والادخار والعمل وتكلفة النقل وحجم الإنفاق ، وكان الدستور - نزولاً على هذه الحقائق واعترافاً بها - قد مايز بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض المالية ، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها في الحدود التي يبينها القانون · ولازم ذلك أن السلطة التشريعية هي التي تملك بيدها زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها - من دون السلطة التنفيذية - تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها ، متضمنا تحديد الأموال المحملة بها ، وأسس تقدير وعائها، ومبلغها، والمكلفين بأدائها، والجزاء على مخالفة أحكامها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيانها عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر في الأحوال التي يبينها القانون · متى كان ذلك ، فإن نص القانون يعتبر مصدراً مباشراً للضريبة العامة ، إذ يحيط بها وينظم رابطتها في إطار من قواعد القانون العام ، متوخيا تقديراً موضوعيا ومتوازناً لموجباتها ، وبما يكفل الانتفاع بحصيلتها فيما يعود بالنفع العام على الجماعة منظوراً في ذلك إلى ما يحقق رخاءها.
(5) وحيث إن الأصل أن يتوخى المشرع بالضريبة التي يفرضها أمرين يكون أحدهما أصلاً مقصوداً منها ابتداء ويتمثل في الحصول على غلتها لتعود إلى الدولة وحدها ، تصبها فى خزانتها العامة لتعينها على مواجهة نفقاتها · ويكون ثانيهما مطلوباً منها بصفة عرضية أو جانبية أو غير مباشرة كاشفاً عن طبيعتها التنظيمية دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة ، وبوجه خاص من زاوية تقييد مباشرة الأعمال التي تتناولها ، أو حمل المكلفين بها من خلال عبئها - على التخلي عن نشاطهم ، وعلى الأخص إذا كان مؤثما جنائيا كالتعامل في المواد المخدرة · وهذه الآثار العرضية للضريبة كثيرا ما تلازمها ، وتظل للضريبة مقوماتها من الناحية الدستورية ، ولا تزايلها طبيعتها هذه ، لمجرد أنها تولد آثارا عرضية بمناسبة إنشائها .
(6) وحيث إن الضريبة العامة يحكمها أمران لا ينفصلان عنها ، بل تتحدد دستوريتها على ضوئهما معا : أولهما: أن الأموال التي تجبيها الدولة من ضرائبها العامة وثيقة الاتصال بوظائفها الحيوية ، وبوجه خاص ما تعلق منها بتأمين مجتمعها، والعمل على تطويره · وقيامها على وظائفها هذه ، يقتضيها أن توفر بنفسها ومن خلال الضريبة وغيرها من الموارد المصادر اللازمة لتمويل خططها وبرامجها وتفرض السلطة التشريعية بوسائلها رقابتها على هذه الموارد وضبطها لمصارفها ، وإنفاذاً لسياستها المالية التي لا يجنح الاقتصاد معها نحو أعاصير لا تؤمن عواقبها، وبوجه خاص في نطاق العمالة ، وضمان استقرار الأسعار، وصون معدل معقول للتنمية ، وكذلك حد أدنى لمواجهة أعباء الحياة · ولازم ذلك أن تتقيد السلطة التنفيذية بالقواعد والضوابط التي ألزمتها السلطة التشريعية بها في مجال الإنفاق العام ، فلا يكون إسرافا أو تبديداً أو إرشاءً أو إغواء ، بل أميناً، مقتصدا ًو رشيداً· وهى بعد قواعد لا يجوز على ضوئها جر مبالغ من الخزانة العامة قبل تخصيصها وفقاً للقانون ، بما يكفل رصدها على الأغراض التي حددها ، والتي لا يجوز أن تتحول عنها السلطة التنفيذية ، أو أن تعدل فيها بإرادتها المنفردة ، ولو واجهتها ضرورة تقتضيها إنفاق أموال غير مدرجة بالموازنة العامة أو زائدة على تقديراتها ·
(7) وتؤكد هذه المعاني بعض الدساتير الأجنبية كالدستور الأمريكي ، فقد حظرت الفقرة 7 من الفصل 9 من مادته الأولى إخراج أموال من الخزانة العامة إلا بعد تخصيصها وفقاً للقانون
(8) No money Shall be drawn from the Treasury ,but in consequence of appropriations made by law ·
(9)
(10) وهى عين القاعدة التي كفلتها الفقرة الثالثة من المادة 114 من دستور الهند ، والفقرة الثانية من المادة 81 من الدستور الإيطالي التي تنص على أنه لا يجوز - بعد إقرار قانون الميزانية - فرض ضرائب جديدة أو تقرير أوجه جديدة للإنفاق.
(11) With the law approving the budget it is not possible to introduce new taxes and new expenditures .
(12) وتدل عليها كذلك أحكام المواد 115 ، 116 ، 120 من دستور جمهورية مصر العربية التي تقضى أولاها بأنه يجب عرض مشروع الموازنة العامة على مجلس الشعب قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية ، ولا تكون نافذة إلا بموافقته عليها· وتقرر ثانيتهما أن نقل اى مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الموازنة العامة لا يجوز إلا بموافقة مجلس الشعب · كما تجب هذه الموافقة في شأن كل مصروف غير وارد بها ، أو زائد على تقديراتها ، ويكون ذلك بقانون · وتنص ثالثتها على أن ينظم القانون القواعد الأساسية لجباية الأموال العامة ، وإجراءات صرفها ·
(13) وحيث إن ما تقدم مؤداه أن أموال الدولة بكل مكوناتها ، وكذلك ضوابط إنفاقها يهيئان معاً المتطلبات اللازمة لنهوض السلطة التنفيذية بمسئولياتها · ولئن ذهب البعض الى أن تحصيل هذه الأموال وإنفاقها وجهان لعملة واحدة ، إلا أن من الصحيح أن هاتين العمليتين منفصلتان ، ولكل منهما أسسها وبواعثها ، وإن كان إنفاق المال العام وفق ضوابط صارمة ، يعد شرطاً لازما لضمان عدم تبديده أو توجيهه لغير الأغراض التى رصد عليها · بما مؤداه أن ربط الموارد فى جملتها ، بمصارفها تفصيلاً ، وإحكام الرقابة عليها، يعد التزاماً دستورياً يقيد السلطة التشريعية ، فلا يجوز لها أن تناقض فحواه بعمل من جانبها، إذ هو جوهر اختصاصها فى مجال ضبطها لمالية الدولة ، وإرساء قواعدها وفقا للدستور ·
(14) ثانيهما : أن الضريبة العامة - وبغض النظر عن جوانبها التنظيمية التي تعتبر من آثارها العرضية غير المباشرة – لا تزال مورداً ماليا ، بل هي كذلك أصلاً وابتداء · ومن ثم تتضافر مع غيرها من الموارد التى تستخدمها الدولة لمواجهة نفقاتها الكلية ، سواء فى ذلك تلك التى يكون طابعها منتظماً أو طارئاً ، وكان من المقرر أن الإنفاق العام - نوعاً وحجماً - إنما يتأثر بالسياسة التي تتبناها الدولة ، والأوضاع السائدة فيها ، وبوجه خاص من النواحى الأيديولوچية التى تعكس مذهبها، وترسم كذلك حدود أولوياتها فى مجال هذا الإنفاق ، فإن أوجهه المتعددة ، وضرورة إجرائها وفقاً للأوضاع التي نص عليها القانون على ضوء ضوابط الدستور ، هى التى ينبغى ان تحكم سلوكها وتبين نطاق تدخلها · بما مؤداه أن استخدامها لمواردها تلك لاينفصل عن واجباتها الدستورية ، التي تقتضيها أن تكون مصارفها مسخرة لتحقيق النفع العام لمواطنيها · ومن ثم يكون النفع العام - أو مايعبر عنه احياناً بأكبر منفعة جماعية - قيداً على إنفاقها لإيراداتها، وكذلك شرطاً لفرضها ابتداء ، وهو بعد شرط كامن فى الضريبة العامة ذاتها باعتبار أن انصرافها إلى المخاطبين بها على امتداد الحدود الإقليمية للدولة ، يفترض أن يكون إنفاقها كافلاً لخيرهم العام ، ولو لم يجن كل منهم استقلالاً فائدة مباشرة من جراء هذا الانفاق · فإذا لم يكن ثمة نفع عام يتصل بالأغراض التى يقتضيها صون مصالح مواطنيها ورعايتهم ، أو كان تدخلها مجاوزاً الحدود التى يتعين أن يقع الإنفاق فى نطاقها ، فإن عملها لايكون مبرراً من الناحية الدستورية ·
(15) وحيث إن ماتقدم مؤداه ، أن أغراض التمويل تعتبر قيداً على السلطة الضرائبية يقارنها ولا يفارقها ، وحدا من الناحية الدستورية على ضوابط إنفاق المال العام · ولايعنى ماتقدم أن الدولة لاتستطيع تحويل بعض مواردها إلى الجهة التى تراها لتعينها بها على النهوض بمسئولياتها وتطوير نشاطها، بل يجوز ذلك بشرطين أولهما أن تكون ألاغراض التى تقوم عليها هذه الجهة وفقا لقانون إنشائها ، وثيقة الاتصال بمصالح المواطنين فى مجموعهم ، أولها آثارها على قطاع عريض من بينهم ، مما يجعل دورها فى الشئون التى تعنيهم حيوياً · ثانيهما أن يكون دعمها مالياً مطلوباً لتحقيق أهدافها ، على أن يتم ذلك - لاعن طريق الضريبة التى تفرضها السلطة التشريعية ابتداء لصالحها لتعود إليها مباشرة غلتها ، بل من خلال رصد مايكفيها بقانون الموازنة العامة وفقاً للقواعد التى نص عليها الدستور ، وفى إطار الأسس الموضوعية التى يتحدد مقدار هذا الدعم على ضوئها
(16) وحيث إن ضريبة الدمغة محل النزاع الماثل - بل يعتبر تحقق الواقعة المنشئة مرتبا لدينها فى ذمة الممول ، وكان الأصل فى الضريبة - وعلى ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا - أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة من الممول جبراً ، إسهاماً من جهته فى أعبائها وتكاليفها العامة ، ويؤديها إليها بصفة نهائية ، ودون ان يعود عليه نفع خاص من وراء دفعها ، وكان من المقرر كذلك أن الضريبة التى يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون - وعلى ماتدل عليه المادتان 1 6 و 119 من الدستور - هى التى تتوافر لها قوالبها الشكلية والأسس الموضوعية التى لاتقوم إلا بها، وبشرط أن تكون العدالة الاجتماعية التى ينبنى عليها النظام الضريبي ضابطاً لها فى الحدود المنصوص عليها فى المادة 38 من الدستور ، وكان الأصل فى الضريبة - وباعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً أن يؤول مبلغها إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التى تم تدبيرها ، وكان النص المطعون فيه قد فرض الضريبة المتنازع عليها - لا لتقتضيها الدولة جبراً من الملتزمين بها لمواجهة نفقاتها العامة محددة مصارفها وفق قانون الموازنة العامة ، ولتباشر من خلالها دورها بالتدخل لإشباع مصالحها بما يكفل الخير العام لمواطنيها - بل قرر النص المطعون فيه هذه الضريبة لصالح نقابة بذاتها ، واختصها بحصيلتها التى تؤول مباشرة إليها ، فلا تدخل خزانة الدولة أو تقع ضمن مواردها ليمتنع استخدامها فى مجابهة نفقاتها العامة ، ولتكون فى حقيقتها معونة مالية رصدتها الدولة لتلك النقابة - لا عن طريق الضوابط التى فرضها الدستور فى شأن الإنفاق العام - ولكن من خلال قيام الضريبة المطعون عليها بدور يخرجها عن مجال وظائفها، ويفقدها مقوماتها لتنحل عدماً ، وهو ما يقتضى الحكم بعدم دستوريتها لمخالفتها أحكام المواد 61 و 115 و 116 و119 و120 من الدستور 0
بناء علية
يتمسك الطالب بالطلبات الواردة بصحيفة دعواه ويلتمس الطالب – التقرير
أولا": الحكم بعدم دستورية أ ، الفقرة ج من المادة 52 من القانون رقم 67 لسنة 1974الخاص بفرض دمغة التطبيقيين فيما تضمنه فيما نص عليه من لصق دمغة النقابة علي أصول عقود الأعمال الفنية التي يباشرها أو يشرف عليها عضو النقابة وكذلك عقود الأعمال الفنية التنفيذية التي يقوم بها عضو النقابة لحسابه الخاص وأوامر التوريد الخاصة بها وكذلك صورها التي تعتبر مستندا وتقارير الخبراء الفنين من أعضاء النقابة.ويعتبر العقد أصلا مهما تعددت الصور .
ثالثا " الحكم بعدم دستورية نصوص البنود الفقرة (ب) والفقرة (ج ) والفقرة (د) من المادة 46 من قانون رقم 66 لسنة 1974 بشان نقابة المهندسين فيما نص علية بإلزام لصق دمغة النقابة على أصول عقود الأعمال الهندسية وأوامر التوريد الخاصة بها وكذلك صورها التي تعتبر مستندا , ويعتبر العقد أصلا إذا حمل توقيع الطرفين مهما تعددت الصور وتعتبر الفواتير الخاصة بهذه التوريدات كعقود إذا لم تحرر لها عقود و عقود التوريد عن السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الهندسية وكذلك عقود الأعمال الهندسية الأخرى على اختلاف أنواعها كالآلات والأدوات والأجهزة والمعدات وذلك كله طبقا لما يحدده النظام الداخلي للنقابة . و تقاير الخبراء الهندسية.
وكيل الطالب
...............
المحامى بالنقض