اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
رمضان الغندور
التاريخ
10/13/2011 8:33:41 PM
  اين نسير بعد الثوره ؟      

ثوره يناير المجيده هذه الثوره لا ترجع - بالدرجة الأولى- إلى انتشار الفقر بين نسبة لا يستهان بها من سكان البلاد التي شهدت تلك الثوره وإنما لسبب آخر قد تجذَّر في سلوك المؤسسات الأمنية في النظام البائد ونعني به استخدامه للعنف المغلظ في التعامل مع المواطن.
فقد تعرض الإنسان المصري لإذلال مهين وديست كرامته بنعال رجال الأمن ووجهت له إهانات لم تعد مقبولة حتى لدى العبيد واللصوص وقطاع الطرق وشذاذ الآفاق في أكثر الدول تخلفاً وافتقاراً لأصول حضارية أو قيمٍ دينيةٍ .. يحدث كل ذلك بدعوى الحفاظ على أمن الدولة والوطن والمواطن بينما يعامل المواطن في بلده كمجرد رقم يقوم على خدمة الحاكم وأتباعه.
والدليل على ذلك أن الأحوال الاقتصادية في مصر التي نجحت فيها هذه الثوره تراجعت (إلى حد ما) عما كانت عليه. ومع ذلك لم نجد ذلك الغضب الذي كان يتأجج في النفوس على النظام السابق لسبب واحدٍ وهو أن شعور المواطن بكرامته كإنسان وحريته في التعبير عن آرائه هو- في حساباته- أقوم وأفضل بكثير من أن يأكل فاخر الطعام وطيب الشراب ثمناً لكرامته وشرفه.
ومع تسليمنا بهذه البديهيات نرى أن ثمة سؤالاً مركباً ومخيفاً يتردد على ألسنة الكثيرين حول ما ستؤول إليه الأمور حتي لو انصلح حال الاقتصاد مع السياسه الامنيه السابقه فما تؤول اليه الامور ؟
قبل محاولة الإجابة أن ندرك أمرين:

أولهما- أن شعب مصر الذي هب عليه رياح التغيير تجمع بينه خاصة مشتركة وهي أن المواطن قد تعرّض لكل أنواع الإذلال والمهانة والاعتداء على كرامته وماله وعرضه. فقد كان المواطن أرخص المخلوقات والموجودات وكانت ملاحقة المعارضين لأنظمة الحكم واعتقالهم وتعذيبهم والاعتداء على خصوصياتهم أمراً سائداً ومباحاً.
الثاني: يتمثل في أن التظاهرات الاحتجاجية جاءت بمثابة رد فعل طبيعي لدى الشعب أوجبه شعور المواطن بعجزه الكامل عن الحياة في ظل تلك النظام وأنه لم يعد يرى أدنى مبرر للسكوت على حاله البائس حتى لو اقتضى الأمر أن يقضي نحبه من أجل الخلاص منه.
ومع قناعة الشعب بأن صلاح النظام الحالي الحاكم يكاد يكون مستحيل غير أنه غلف تظاهراته برفع شعار "سلمية سلمية" وأظهر أن أقصى ما يطالب به هو إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تعين المواطن العادي على العيش الآمن والكريم في وطنه برغم إدراكه أن هذا النظام لن يستجيب لمطالبه وأن الخيار الأمني سيكون الوسيلة الغالبة لقمع المظاهرات وتشتيتها وبرغم إدراكه (أي الشعوب) أن أقصى ما تتمناه تلك النظام أن يستخدم المتظاهرون السلاح بدلاً من رفع شعار السلمية حتى تجد المبرر الكافي لاستخدام أقصى درجات العنف ضد المتظاهرين وقمعهم وتقتيلهم.
غير أن تلك النظام لم يعد يرى في شعوبه أكثر من "قطعان من البقر" تستطيع حلبها وذبحها متى شاءت مع أن المُسَلَّم به أن هذه القطعان تستطيع أن تقضي على من يقودها إذا ما أحست بخروجه عن القواعد الصحيحة في التعامل معها. فإذا ما "هاج" القطيع فإنه ينطلق بقوة هرباً من هذا الخروج على المألوف ليسحق تحت أقدامه كل من يواجهه حتى لو كانوا رعاته.
فإذا كان هذا هو حال الدواب حين تستشعر خطراً محققاً يداهمها فكيف يكون حال البشر إذا ما أمعن الحكام الاستبداديون في ظلمهم واعتدوا على كرامتهم واستباحوا أموالهم وأملاكهم وانتهكوا أعراضهم؟!!.
وإذا كان هناك مَن يعتقد بأن الحالة الاقتصادية هي العامل الرئيس في دفع الشعب للثورة على الحكام فهو على خطأ بيِّن. والدليل على ذلك أن ثمة مؤشرات بدأت تظهر على مواقف شباب الدول العربية الغنية نحو أنظمتهم وحكامهم تشير- في مجملها- إلى قلق هذه الشريحة الهامة من المجتمع على مستقبلها بسبب تفشي البطالة بين الشباب والحجر على حرياتهم وعدم إشراكهم في اتخاذ القرارات الخاصة بهم وانعدام العدالة في توزيع الثروات بين مختلف شرائح شعوبهم وتفشي الفساد بين النافذين في الأنظمة التي تحكمهم.
و هناك من يحاول التشكيك في جدوى هذه الثوره بدعوى أنها تسببت في تباطؤ النمو الاقتصادي وانتشار الفوضى وغياب الأمن وما إلى ذلك من أقوال لا تتمتع بقدر مقنع من المصداقية.
وبرغم تحفظنا الشديد على هذه التوصيفات المحبطة للثوره غير أن هذا التباطؤ أمر طبيعي يحدث حتى في حالة الانقلابات العسكرية التي عادة ما يكون لها قادة خططوا لما سيقومون به مسبقاً. فإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلدان التي تشهد انقلابات عسكرية على الأوضاع فيها عادةً ما يستنفذ ما لا يقل عن خمس سنوات حتى يعود الاستقرار للبلاد.
فإذا كان هذا هو حال ما يحدث بسبب الانقلابات فكيف يكون بالنسبة للثوره التي انفجرت من أجل استعادة كرامة المواطن وإنسانيته وضمان حريته فقد انفجرت هذه الثوره دون أن يكون لديها قادة ومخططات مسبقة تسترشد بها في القضاء على الأنظمة التي تحكمها.
صحيح أن الشباب هم مَن أشعلوا فتيل هذه الثوره لكن الصحيح أيضاً أن الشعوب- بكل أطيافها السياسية والمجتمعية وفئاتها العمرية- هي التي قامت بهذه الثوره والصحيح أيضاً أن هؤلاء جميعهم يفتقدون للقادة والخبرة التي تعينهم على اختصار الوقت لتحقيق الهدف الذي سعوا من أجل تحقيقه وهو إسقاط النظام وتحطيم رموزه.
والسؤال التالي الذي يحتاج لمناقشة موضوعية وجادة هو: إلى أي مدى يمكن لهذه الثوره أن تتصدى لمحاولات الغرب- وبخاصة أمريكا وفرنسا وبريطانيا- احتواءها وتغييرها لصالحه؟


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3839 / عدد الاعضاء 62