هذي دمشــق ... وهذي الكأس والراح
إني أحب ........ وبعض الحـب ذباح
أنا الدمشقي .... لو شـرحتم جسدي
لســال منه عناقيد ........ وتفاح
للياســمين حقوق .....في منازلنا
وقطة البيت ....... تغفو حيث ترتاح
ما للعــروبة .......تبدو مثل أرملة
أليس في كتب التاريخ ........أفراح ؟
لم أجد مقدمة للحديث عن دمشق الحبيبة أفضل من بوح ابنها البار لها الشاعر الكبير نزار قباني الذي عشق ياسمينها وأوصى أن يدفن تحت شجيراته الرقيقة دمشق هذه الرقيقة الناعمة كياسمينها تتعرض هي وباقي شقيقاتها المدن السورية وكل ذرة تراب هنا منذ مدة ليست بالوجيزة لمخاطر تلوح بها قوى الطغيان العالمي بعد أن جهزت طبختها السامة في مطبخها الرطب المليء بالعفونة لتسحق ياسمين دمشق وتدنس طهر بردى دون أن تدري أن هذا الياسمين الرقيق كان يوماً من الأيام صباراً وشوكاً في حلوق من سبقهم من قوى الاستعمار هذا الياسمين الرقيق انبثق من بين أزهاره البيضاء رجالاً يحطمون الصخور ومعها قوى الشر ويدحرون الاحتلال بوسائلهم البسيطة التي يغلفها الإيمان بحب الله والوطن ويرفعون راية الحرية عالية وهذا الياسمين ما زال معطاءاً لحبيبته دمشق ليخرج من بين وريقاته وأزهاره أحفاد هؤلاء الرجال ليقولوا لا وبصوت مجلجل لكل القوى الباغية الناظرة بلؤم لدمشق .
منذ مدة و المؤمرات تحاك ضد سوريا وتلفق كل يوم تهمة جديدة لها كل يوم تهمة بلون وطعم جديد مرة دعم الإرهاب ومرة انعدام الديمقراطية ومرة الفساد غير ناظرين أو أخذين بعين الاعتبار رأي الشعب السوري نفسه هذا الشعب الذي قد يكون في بعض الأحيان على مطالبات عديدة لقيادته هذا صحيح لكنه ومنذ أكثر من ثلاثون عاماً لم ينفصل عنها انفصالاً بعيداً لقد عاشت سوريا منذ مطلع السبعينات استقراراً سياسياً واجتماعياً لم يسبق له مثيل وهي البلد الذي عرف الانقلابات المستمرة في مرحلة من مراحل تاريخه ومدة الحكم لأيام قلائل ليعقبه انقلاب جديد لكن القوى الخارجية لا تريد هذا وتبحث عن مبرراتها لاقتحام هذا الأمن والأمان وبالطبع ليس حباً بالمواطن السوري وبحثاً عن الديموقراطية المزعومة له بل لهدف مكشوف للجميع تحقيق أطماعها في المنطقة ومد كيانها السرطاني إسرائيل في كل مكان هنا ولذا ارتأيت أن أرد على كثير من التساؤلات التي وجهت لي مؤخراً كمواطنة سورية أحيا في داخل الوطن حيث يتساءل البعض ما موقف المواطن السوري والشارع السوري هذه الأيام من التهديدات المحيطة به ومدى تأثره بها أو ثقته بقيادته ؟؟
أولاً وقبل أي رد أقول أن الجواب لا ينبثق من أي مجاملة ما بل هو نقل حقيقي لما هو بالفعل هنا وأود نقله للجميع بمصداقية و تجرد ::
الحقيقة أن كل ما تتناقله أجهزة الإعلام المختلفة وتذيع به يومياً لم يحدث عند المواطن السوري أي قلق أو تخوف وكأن شيئاً لم يقال ويعيش الجميع الحياة اليومية بشكل هادئ مستقر وكل هذا التطبيل والتزمير من الجوقة الخارجية لم يزعزع تماسك الجبهة السورية الداخلية ولم ينعكس بأي مخاوف لدى الشعب في سوريا وهنا نجد سؤالاً يطرح نفسه لماذا ؟؟؟؟ أهو جهل من الشعب بما يحاك له واستهتار بهذه القوة الطاغية ؟؟
أم هو ثقة بنفسه وبقيادته وإيماناً ويقيناً بعدالة موقفه ؟؟
الحقيقة أن الجواب الثاني هو واقع الأمر لقد أعطت هذه التهديدات توقعاً مخالفاً لحساباتها وربما لم نلحظ أياماً مرت على البلاد كان فيها الشعب متمسكاً بموقف قيادته أكثر من هذه الأيام نحن كسوريين لا ننكر أننا في بادئ الأمر وعند تولي الرئيس الدكتور بشار الأسد القيادة ربما تخوفنا وقلقنا من المستقبل من قيادة شابة ونحن اللذين اعتدنا حكمة الشيوخ من قبله ودبلوماسية والده وذكائه الذي تميز به والذي جنب البلاد أزمات كثيرة خرجت منها سورية منتصرة سالمة قلقنا وحسبنا الحسابات لكن بمرور الأيام والتجارب التي نمر بها يومياً زال هذا القلق وأدركنا أن القيادة الشابة من الممكن أن تمتلك أيضاً الحكمة وحسن التصرف وإضافة لذلك حيوية الشباب وانطلاقهم نحو المستقبل الأفضل وثبت هذا في مواقف عديدة في إطار المخاطر المحدقة .
عابوا على النظام السوري كما يسمونه انعدام الديموقراطية والحريات وكأنهم هم حاملي ومبشري الديمقراطية نعم قد يكون لكل قيادة ونظام أخطائه وعثراته وهذا ليس غريباً في كل دول العالم لكن هذا لا يعني أن يترك الحبل على الغارب لمحبي زعزعة الأمن للمواطن بزعم الحرية و التجربة القاسية التي مرت بها سوريا أحداث الإخوان المسلمين في مدينة حماه في مطلع الثمانيات لم يعرف مراراتهها سوى السوريين الذي عاشوا هنا وعاشوها ولولا لم يتخذ التصرف الحاسم بحقها لكنا نعيش هنا عصور الظلام من جديد لقد ارتكب هؤلاء مجازر ومذابح أقسى وأبشع بكثير مما اتخذته السلطة في حقهم وتم القتل على الهوية لكثير من المواطنين هل تتصورن أنه قد حدث قتل أفراد شبان يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية لمجرد ارتدائهم اللباس العسكري دون أي سؤال أو جواب ؟؟؟ وانتشر هؤلاء لأيام كقطاع الطرق يروعون الآمنين وكم فقدت سوريا من أدمغة مفكرة و مثقفين خلال هذه المعمعة لمجرد أنهم يعملون لدى أجهزة الدولة أو أنهم ينحدرون من مناطق معينة فقد فقدنا على مستوى القانون والفكر القانوني واحداً من أبرز القانونيين على مستوى الوطن العربي وهو الدكتور محمد الفاضل أستاذ القانون الجنائي في جامعة دمشق تم اغتياله وهو متوجه صباحاً للجامعة بدم بارد من قبل هؤلاء ومن بعده الطبيب جراح الأعصاب شحادة خليل ومن ثم الدكتور الصايغ أستاذ كلية العلوم والدكتور الشريطي وغيرهم وغيرهم كثير كلهم من ذوي الفكر والعلم فأي حرية ومقاومة هذه ؟؟ كنا نحن ما نزال على مقاعد الدراسة عشنا الرعب من منعنا من إتمام التعليم بحجة حرمة تعليم المرأة والحجر عليها في المنازل هؤلاء هم من قاومتهم السلطة وقمعت الفوضى التي أحدثوها فكان ملف الإخوان المجهز لسوريا .
دعمت دمشق المقاومة الفلسطينية واحتضنت رجالها ودعمت كل مقاومة شريفة نبيلة فلفقت لها تهمة الإرهاب .
إن كان ثمة أخطاء فالماضي فالحاضر يصحح ذلك وقد لمسنا نحن كمواطنين سوريين تغيرات كثيرة خلال السنوات القليلة الماضية تحاول السير بالبلاد ومواكبة تطورات العصر بما لا يفقد البلد عروبته و أصالته ولا يسلخه عن جسده العربي و انتمائه العربي
نحن كمواطنين سوريين مهما اختلفنا بخطط المستقبل ومهما تعددت مطالبنا من قيادتنا إلا أننا من المؤكد أننا لن نطلب النجدة من قوى الطغيان وإن وجدت بعض العناصر المعارضة في الخارج والتي يحاولون تضخيمها لتبدو أكبر من حجمها الحقيقي بكثير واستخدامها سكيناً لذبح البلاد فهي لا تمثل ملايين اللذين يعيشون هنا وإنما تمثل مصالحها الشخصية هي فقط و مهما قلنا عن وجود الكثير من المطالب لنا وغايتنا السير نحو الأفضل فهذا لن يعني أبداً مد يدنا لعدونا لتحقيق هذه المطالب فمعول العدو لم يبني من الأيام بيتاً وإنما هو وسيلة دمار ومنجله لم ينبت سنبلة في يوم ما وإنما زرع الموت والهلاك .
قد لا ننتظر في ظل الظروف العربية الراهنة والتفكك العربي أي دعم سوى أصوات خافتة تنبعث بالتضامن والأسى والحب العاجز عن المساندة لكننا نؤمن بأنفسنا وبقيادتنا وهذا حالنا اليوم وحال الشارع السوري .
وأعود لما بدأت به وأختم بشعر ابن دمشق البار فأجمل الكلام الكلام المعطر بالياسمين :
ســلام على ياســمين دمشــق
يعربــش حيناً على كتفـي
وحيناً على شــــــرفات الغمـام
ويجعلني ملكـــاً أمويـــاً
ونافورة في بيوت الشــــــام
ودعوة من القلب لزيارة دمشــــــــــق مدينة الياسـمين