اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
جيهان
التاريخ
5/17/2004 2:59:00 PM
  ما بعد توقيع السعودية على اتفاقية القضاء على اشكال التمييز ضد المرأة       

ما الذي حدث بعد أن وقّعت السعودية إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؟

   ناهد باشطح- صحفية سعودية

** (من يمارس حقه لا يسيء الى أحد) حكمة لاتينية

نشرت جريدة "الرياض" في عددها الصادر يوم الخميس الماضي 2اكتوبر2003م ضمن حوار صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل مع رجال الأعمال العرب والأمريكيين في المنتدى الاقتصادي العربي - الأمريكي قوله "انه ابتداء من هذه السنة ستعين وزارة الخارجية لأول مرة نساء سعوديات يعملن دبلوماسيات وموظفات في الوزارة".

من جهة أخرى فان مؤتمر حقوق الإنسان في السلم والحرب الذي سيعقد لاول مرة في الرياض في منتصف أكتوبر الحالي سوف يحتوى على اربع اوراق عمل نسائية حول حقوق المراة والطفل كما اننا نعلم ان المملكة العربية السعودية قد وقعت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام (2000م).

وفي موقع مجلس الشورى الإليكترونى ورد ضمن الموضوعات التي درسها المجلس وما أتخذ بشأنها من قرارات خلال الفترة من (1421/3/3ه الى 1422/3/2ه) أن لجنة الشئون التعليمية ضمن دراساتها رأت النظر في تكوين لجنة وطنية عليا دائمة متخصصة في شؤون المرأة وقد نشرت الجزيرة في يوليه 2003م موافقة خادم الحرمين حفظه الله على انشائها.

لكن الصحف نشرت أخبارا مقتضبة عن هذه اللجنة تتركز في أنها تعنى بمسألة التوظيف النسوي.

والسؤال ما هي الآلية المقترحة لتنفيذ أهداف هذه اللجنة الوطنية؟

وماذا عن آليات تنفيذ المعاهدة التي وقعت عليها المملكة لرفض التمييز ضد المرأة؟

والسؤال الأكثر تحديداً ألم يحن الوقت لنتحاور بوعي حول حقوق المرأة دونما اسراف في النظرة المثالية؟

** مدخل

بدءاً فإن الصحافة المكتوبة لم تعد تتحرج في الحديث عن المطالبة بحقوق المرأة، فالوطن بحاجة الى أن نتحاور حول قضاياه فى إطار من احترام الآخر سواء اختلفنا أم اتفقنا في الرأي إلا أن الحوار مدعاة لوضوح الرؤية اليوم اشعر بالغبطة وأنا أرى عزم وزير الخارجية توظيف المرأة في الوزارة وفي السلك الدبلوماسي.

واظننا لن نضطر مع مرور الوقت للإشارة كثيراً إلى حسن النوايا في كتابتنا عن ضرورة إشراك المرأة في التنمية بكافة مجالاتها إذ لا رابط بين دعوتنا هذه وبين أفكار الغرب الهدامة أو محاولة تغريب المرأة فقد وضح أن هذه الفكرة طعم التقطته بعض الكاتبات فبدأن يتحدثن عن واقع حال المرأة لدينا بمثالية فيها القدر الكبير من تشويه الحقيقة التي لا تفيد المجتمع بل تجعله اشبه في تعامله مع المشكلات بالنعامة.

إن ترديد بعض النساء مقولة "إن حقوقنا مكفولة" هي جزء من تكوين هش لذات امرأة دفعها التمسك بالنسق السائد الى التفريط بحقوقها.

نعم الحقوق كفلها الإسلام وليس هذا مجال لاثبات ذلك فنحن نناقش ضعف التطبيق الذى نتج عن الخلط أحيانا بين تعاليم الإسلام وسيطرة العرف الإجتماعي وهذا لم يحدث الآن بل منذ آلاف السنين وربما تحديداً في العهد الأموى من تاريخنا وأعني فيما يتعلق بالتهميش الذي لحق بالمرأة.

هل يمكن أن نخدع أنفسنا بان حقوق المرأة مكفولة الآن وأنها تشبه حالها في عصر النبوة بترديد البعض لعبارة (الإسلام كفل للمرأة حقوقها).

إذن فلنراجع أنفسنا ولنتأمل كثيراً في قضايا المرأة وشكواها في مكاتب التوجيه والإرشاد النفسي أو في المحاكم وما تنشره الصحف الرزينة حتى نعرف الفارق بين المأمول والواقع.

** مجرد أمثلة

ما هي حقوق المرأة السعودية المهدرة؟

أيمكن ان يأتي السؤال بهذه الفجائية أم أن الأفضل أن نتساءل عن امكانية تمتع المرأة بحقوق الإنسان.

فالمرأة إنسان في حكم الشريعة ولها كامل الأهلية وحين يتشدق البعض بأن المساواة نتاج دعوات الغرب فان علينا أن نسترجع آيات كثيرة تقرر أن المرأة والرجل متساويان في الاسلام في الكرامة والاهلية والحقوق.

في مجتمعنا ومعظم المجتمعات العربية لا توجد تدابير تشريعية أو عقابية لحظر التمييز ضد المرأة، ويعتبر جهل المرأة والمجتمع ككل بحقوق المرأة وقلة المعلومات التي تدور حولها، وضعف دور الإعلام في نشر الوعي بحقوقها، اسباباً مجتمعة في إحداث التمييز ضد المرأة.

وهناك العديد من الأمثلة في مجتمعنا تجعلنا نتحرك بإتجاه اتخاذ آليات حماية المرأة من الظلم - خاصة وان ولاة الأمر ما فتئوا ينادون في كل المحافل الرسمية بأهمية احترام المرأة باعتبارها فرداً فاعلاً في المجتمع-.

هناك امثلة واقعية عدة ولكن ساورد بعضها:

- المعاش التقاعدي للموظفة المتوفاة يتوقف بعد وفاتها بخلاف الرجل دون إسناد إسلامى.

- يسلب من المرأة حقها في العمل وفق ضوابط الاسلام دون مبرر.

وهنا يحضرني تحقيق الزميلة نوال الراشد في جريدة "الرياض" مؤخراً عن معاناة إيقاف 400عاملة سعودية عن العمل بعد يوم واحد من توظيفهن بمصنع للألبان بالخرج، دون ابداء الأسباب وبعد إنهاء إجراءات التوظيف الرسمية واخذ موافقات أولياء الأمور بذلك.

- تبتدع بعض الشركات انظمة مجحفة بحق المرأة مثلما عمدت شركة الإتصالات منذ بداية هذا العام 1423ه الى فرض شروط للمرأة في حال تقدمها بطلب الحصول على شريحة جوال.

حيث تشترط لربة المنزل والطالبة إحضار بطاقة العائلة ومحرم للتعريف بها، وفرض حد ائتماني 500ريال كتأمين للعام الأول، وفي حالة إضافة الصفر الدولي تدفع 2500ريال كتأمين، اما حالة إضافة التجوال الدولي فتدفع تأمين 5000ريال.

أما الموظفة فان حدها الائتماني في العام الأول 1000ريال قابلة للزيادة حتى الضعف فقط، أما في حالة التجوال الدولي فتدفع بالاضافة الى مبالغ التأمين 5000ريال في حين أن الرجل حتى وان كان عاطلاً عن العمل يكفيه أن يحضر بطاقته المدنية وعليه حد ائتماني مبدئي ب 1000ريال، شرط ألا يكون مديونا مسبقا للشركة.

وهناك أمثلة عدة في مجتمعنا وكثير من المجتمعات حولنا فالقضية ليست خاصة بنا انما هي تثبت واقعا توارثته المجتمعات الانسانية.

** فلنتفاءل بالغد

نرجو بالفعل أن تتمخض الإستعدادات لإنشاء اللجنة الوطنية العليا لشئون المرأة عن إستحداث آليات فاعلة لحماية حقوق المرأة وان يتم استقطاب المحاميات لدينا "وهن قلة" وخريجات اقسام الشريعة في الجامعات للمساهمة في دراسة بعض القوانين التي لا تنصف المرأة والتي وضعها العرف الاجتماعي بسلطته، كما أن الاهتمام بتنظيم الدراسات والأبحاث وعقد الندوات للنساء في موضوع العنف الأسرى يساهم في الوقاية منه ومعالجته، ولا بد من تكاتف جميع وسائل الإعلام لتوعية المجتمع بخطورة التمييز ضد المرأة في قضايا كالطلاق والحضانة والعنف الأسرى وحقوق المرأة المالية المهدرة.

إن جهل المجتمع بحقوق المرأة له مخاطر عدة فالمرأة هي من تربي الأجيال وجهلها بإنسانيتها يساهم في هشاشة تكوينها النفسي والإجتماعي، بينما الإسلام نادى بكرامة الإنسان رجلا كان أو امرأة، وبرأيى فان من أهم مهام اللجنة الدور التوعوي بحقوق المرأة والعنف الممارس ضدها في اطار متوازن من الطرح الموضوعي إذ لم يعالج الغرب قضايا المساواة بين المرأة والرجل كما طرحها الإسلام وفق إطار شامل يكفل حقوق الجنسين وسلامة الأسرة، فالرجل والمرأة متساويان في الخصائص الإنسانية العامة، وفي التكاليف والمسئولية.

يقول تعالى {يا أيُّها النّاسُ اتقوا ربَّكُم الذي خلقَكُم مِن نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجها وبث منهُما رجالاً كثيراً ونساءً، واتَّقوا اللهَ الذي تتساءلون بهِ والأرحام إنَّ اللهَ كان عليكُم رَقيباً}.

وهما متساويان في التكاليف الدينية والإجتماعية الأساسية يقول تعالى: {والمؤمنونَ والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعض، يأمرونَ بالمعروفِ وينهونَ عن المُنكر}.

كما جعل للمرأة حق طلب العلم كالرجل، وحق صلاة الجماعة في المسجد فهي مطالبة بالفرائض والعبادات كما يُطالب الرجل. وقد أعطاها حق إجارة من استجار بها، واحترام إجارتها، كما فعلت أُم هانئ بنت أبي طالب يوم فتح مكة.

وفي الحقوق المالية للمرأة، أثبت الإسلام لها حق التملك، وحق التصرف بأنواعه المشروعة. فشرع الوصية والإرث لها كالرجال، ومنحها حق البيع والشراء والإجارة والهبة والإعارة والوقف والصدقة والكفالة والحَوَالة والرهن.. وغير ذلك من العقود والأعمال.

ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها بالتقاضي وغيره من الأعمال المشروعة.

فإذا لم تكن النساء اليوم متمتعات بهذه الحقوق فلا يتهم احد سوى ثقافة النسق السائد.

** إشكالية الاتفاقية

أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في 18كانون الأول 1979م (قرار الأمم المتحدة رقم 180/34). وتم العمل بهذه الاتفاقية في 3أيلول 1981م ومنذ شهر أيلول 2000اصبح عدد الدول التي قامت بالمصادقة على الاتفاقية 167دولة كانت السعودية من بينهم.

وديباجتها ثلاثون مادة تحفظت الدول العربية على ست منها بينما تحفظت السعودية على فقرتين من مادتين فقط، وتستند تحفظات الدول العربية بشكل عام الى سببين:

(1) تعارض المواد المتحفظ عليها مع أحكام الشريعة الإسلامية.

(2) مخالفة هذه المواد لأحكام القوانين الوطنية، وقد اقتصرت تحفظات الدول العربية على المواد الست التالية المادة (29، 16، 15، 2، 7، 9) وقد جاءت التحفظات من قبل حكومات (الجزائر، ومصر، والأردن، والعراق، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وتونس).

اما السعودية فقد شرح الدكتور عبد العزيز الصويغ، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي في جدة، لجريدة الشرق الأوسط خلفية التحفظ السعودي على الفقرة الثانية من المادة التاسعة بالقول "إن هذه الفقرة تتعارض مع نظام الجنسية السعودي الذي لم يصدر بشكله النهائي، فنص هذه المادة منح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا للرجل في ما يتعلق بجنسية أطفالهما وعليه فإنه منعاً لتعارض هذه الفقرة مع النظام في شكله الجديد، جاء التحفظ عليها.

أما التحفظ الثاني، فقد كان على الفقرة الأولى من المادة التاسعة والعشرين التي تدعو جميع الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الاحتكام لجهة ثالثة كمنظمة العدل الدولية في حال حصول خلاف بين دولتين أو أكثر، ولذلك ترفض السعودية أن تلجأ إلى جهة ثالثة لا تعتمد الشريعة الإسلامية دستورا لها للفصل في قضايا متعلقة بالثوابت الإسلامية".

الآن وقد مر ما يقارب الثلاث سنوات من التوقيع على المعاهدة ما الذى قدمناه لما يؤكد التزامنا بشروطها؟

** قهر النساء

دار في ذهني العديد من الأسئلة التي ربما كانت شائكة ومؤلمة ولكننا نحتاج بالفعل أن نواجه أنفسنا بالحقيقة والواقع المعاش لدى بعض النساء.

كنت أريد أن أسأل الدكتور "عبد الله ناصر الصبيح" الأستاذ المشارك في علم النفس جامعة الأمام محمد بن سعود عن خبرته في ملامسة واقع قضايا المرأة من خلال عمله سابقا في مكتب التوجيه الاجتماعي بوزارة العمل والشئون الاجتماعية..... كنت أريد أن أعرض صورة حقيقية من واقع شكاوى النساء المقدمة الى المكتب.

تحدث الدكتور عن حجم الاتصالات الهاتفية التي كانت موجهة من قبل النساء الى المركز وهي لم تكن تنقص عن أربعين اتصالاً هاتفياً يومياً من مختلف شرائح النساء وقد كانت الشكوى موحدة ولم يكن مستوى التعليم المرتفع مثلا عائقا دون حدوث المشكلة. يقول"د. الصبيح":

(إن شكوى بعض النساء مؤشر إلى أن بعض حقوق المرأة تتعرض لانتهاك في المجتمع السعودى، وهذا التعدى على الحقوق قد يأتي من الأب أو الزوج ومن صور تعدي الأب استغلاله لسلطته وحرمانه بناته الموظفات من الزواج.طمعا في مرتباتهن، ومن صور تعدي الزوج:

- العنف الجسدي المتمثل في الضرب والإيذاء الجسدي.

- ابتزاز الزوج للزوجة بالتعدي على راتبها.

- قهر المرأة عن طريق تطبيق بعض الأعراف الاجتماعية الجائرة والتي تتنافى مع تعاليم الإسلام.

- إنحراف الزوج وجلبه نساء للمنزل "الخيانة الزوجية في ابشع صورها".

- مرض الزوج النفسي بحيث يتعذر شفائه وبالتالي يصعب العيش معه.

وأشير هنا الى أن النقطتين الأخيرتين لا يمكننا الركون الى تفشيهما.

وعندما سألت الدكتور "الصبيح"عن إمكانية تصنيفه لحقوق المرأة المهدرة لدينا قال: (إن بعض حقوق المرأة بالفعل مهدرة حيث تمنع المرآة من ممارسة بعض حقوقها التي كفلها لها الإسلام وهي على سبيل المثال وليس الحصر كآلاتى:

- حق المرأة في التصرف بمالها الخاص.

- حق المرأة في الزواج واختيار الزوج.

- حق المرأة في التمتع بكرامتها وإنسانيتها.

واقترح التركيز على الوعي الاجتماعي لولادة خطاب واع تجاه المرأة كما أن أجندة المطالبة بحقوق المرأة تحتاج الى إعادة ترتيب حتى يمكننا أن نرى تطبيق وآلية لحقوق المرأة التي كفلها الإسلام).

ولعلنا نتفق معه في أهمية الوعي بحقوق المرأة لدينا كخطوة أولى هامة ووضعية المطالبة بها بالشكل المتوازن الذي يحفظ كيان المجتمع اذ اننا نتطلع ضمن تفتح مجتمعنا ووعيه الى تفهم مناسب لآلية التطبيق لما يضمن حقوق المرأة. 


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3173 / عدد الاعضاء 62