أعطى التشريع الإلهي للزوج حق الطلاق وفصم عرى عقد الزوجية بإرادة منفردة وخوله هذا الحق الكبير باعتبار أن الرجل أكثر تحكماً بعاطفته من المرأة هذا من جهة ومن جهة أخرى فالزوج باعتباره المؤسس لمسكن الزوجية والغارم لتكاليف الزواج وكذلك ما ينجم عن فصم هذه العرى من مهر ونفقة وتبعات مالية قد يكون أكثر حرصاً للمحافظة على هذا البناء وعدم هدمه إلا لأسباب مبررة وقوية لأنه يعلم أن تكلفة بناء جديد سوف تقع على عاتقه ومع ذلك نرى الكثير من الأزواج يقومون بالطلاق ربما لسبب أو لغير سبب فتلجأ الزوجة وبعد انتهاء عدتها وصيرورة الطلاق بائناً إلى القضاء تطلب حقوقها الزوجية التي لم تحصل عليها من مهر ونفقة وما إلى ذلك وبالطبع يكون المهر دائماً هو المحور الأول الذي تدور الطلبات حوله باعتباره الأكثر قيمة أما النفقة فغالباً ما تكون بسيطة لا تكفي مصاريف التقاضي فماذا إذا كان الطلاق لسبب مبرر ومشروع وأنه لم يقدم عليه عبثاً وتجنياً ؟ وما مدى الرقابة اللاحقة للقضاء على استخدام هذا الحق ؟؟
قال الله سبحانه وتعالى :
وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {4} النساء
وكي يؤكد الله سبحانه وتعالى على أن هذا المهر هو حق للمرأة وليس بالخيار للزوج دفعه أم لا ورد قوله الكريم :
كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا {24} النساء
وقد نهى الإسلام عن نكاح الشغار الذي كان معروفاً في الجاهلية
عن عبد الله بت عمر رضي الله عنهما قال : (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته ليس بينهما صداق )
وسبب النهي عن هذا الزواج خلوه من العنصر المالي الذي فرضه الإسلام في النكاح وطريقة المبادلة التي تم بها هذا الزواج تتنافى ونظرة الإسلام للمرأة بأنها ليست بضاعة للمبادلة والبيع والشراء وفرض لها الصداق نحلة وحقاً لها لا لوليها .
ويعرف الصداق كذلك بعدة أسماء : الصداق ـ المهر ـ النحلة ـ الفريضة ـ الأجر ـ العلائق ـ العقر ـ الحباء
تعريف الصداق :
هو المال الذي جعل للمرأة في عقد النكاح يدفعه لها الزوج
ومن هنا نرى أن المهر شرط أساسي في عقد الزواج وإن اختلف البعض في توصيفه فمنهم من اعتبره ركناً لا يصح الزواج بدونه ورأي اعتبره شرطاً لصحة العقد ورأي آخر صنفه على أنه أثر من الأثار المترتبة على عقد الزواج
ومن الآيات السابقة نجد أن القاعدة هي تقديم دفعه للمرأة حال العقد وقبل الدخول ولكن العرف استقر على تقسيمه لمعجل ومؤجل بحيث يدفع قسم منه عند العقد والزواج والآخر يبقى بذمة الزوج لأقرب الأجلين الطلاق أو الوفاة فماذا إذا أقدم الزوج على الطلاق وذمته مشغولة بالمهر سواء كله أو بعضه ؟
من الناحية الشرعية أن المهر حق للزوجة عند العقد لا يخل به شيء ولكن مقابل ماذا ؟؟ إنه مقابل احتباس نفسها وحياتها لهذا الزوج فعقد الزواج عقد معنوي قبل أن يكون عقداً مادياً تترتب على الزوجة أيضاً واجبات روحية ومعنوية وبعدها اجتماعية ومن أهم هذه الواجبات الاحتباس وصيانة النفس فهل ترتبط الواجبات ببعضها البعض فإن قصر أحدهما بواجباته حق للطرف الآخر منعه من حقوقه ؟؟
 هذا هو موضوعنا فيما لو طلق الزوج زوجته لثبوت جرم الزنا بحقها ولكي يكون توصيفنا صحيحاً فدعنا نقول ارتكاب الفاحشة حيث أن الزنا له شروطه الدقيقة الصعبة إلا أنه في موضوعنا هذا رغم ذلك يمكن توصيفه به لإقرار الزوجة الصريح غير المكنى أمام أكثر من شاهد وكذلك إقرار الشريك وتشهيره بها .
في القضاء :
 في الحقيقة نرى هنا عجباً فكما ذكرنا في البداية الطلاق حق شرعي أعطاه المشرع الإلهي للزوج ومن المؤكد أنه لم يعطه إياه عبثاً ولمجرد رغبة أو هوى في نفسه بل يجب أن يكون مبرراً وعندما يلجأ الزوج لاستخدام هذا الحق يحكم للزوجة بكافة حقوق عقد الزواج رغم أن حق الزوج فيه قد ضاع من عفاف الزوجة واحتباسها
في المقابل نجد لو أن الزوج في ذات الحالة لجأ لطلب التفريق في القضاء وتم السير بالإجراءات المفروضة من تحكيم حيث يسمع الحكمان الزوجين فقد تحرم الزوجة من كامل مهرها أو على الأقل من مؤجله إن كانت قد استوفت المعجل منه ففي حالات أقل من هذه بكثير كأن تكون الزوجة غير مطيعة لزوجها أو مقصرة في واجبات البيت أو تسيء معاملة أهل الزوج يحملها الحكمان جزء من المسؤولية عن الشقاق وتحرم جزء من المهر بينما في حال ارتكابها لهذا الفعل الفاحش وقيام الزوج بطلاقها بدل تطليقها من قبل القاضي يحكم لها بكامل مهرها ...... كيف يتم ذلك ؟؟ وهل للقاضي رقابة لاحقة على الطلاق بإرادة منفردة ومعرفة السبب ؟ وما تأثير هذه الرقابة على الحقوق المطالب بها ؟؟
الزملاء الأعزاء :
 هذا ما سنعرفه بعد مداخلاتكم القيمة التي ستثري التساؤل الهام ........ بانتظار تواصلكم ونواصل