ماهية الشفعة
نصت المادة 935 من القانون المدني علي أن :ـ
( الشفعه رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري في الاحوال وبالشروط المنصوص عليها في المواد التالية )
ومفاد ذلك أن المشرع قد عرف الشفعه بأنها رخصة لا( حق ) لأنها ليست بحق بل هي سبب من اسباب كسب الملكيةوتفترض الشفعه بأن هناك شفيعا وهو الذي يأخذ بالشفعهة ومشفوعا منه وهو المشتري الذي سيحل محله الششفيع وبائعا لهذا المشتري وهو الذي حل الشفيع بازائة مشتريا محل المشتري الاصلي وعقارا مشفوعا به وهو العقار الذي باعه صاحبه للمشتري الاصلي وشفع الشفشيع فيه
والشفعه رخصة اي خيار للشفيع فله ان يستعمله أو لا يستعمله ومن ثم فلا يكره عليه ولا تجوز الا في العقار ومتي ثبت الحق فيها تملك العقار المبيع ولو جبرا علي المشتري بموجب حكم من القضاء يعتبر عقدا حقيقيا حلت فيه سلطة القضاء محل الارادة
هل الشفعه حق شخصي ام حق عيني ام رخصة
اورد المستشار مصطفي مجدي هرجه في كتابه ( الشفعه في ضوء احكام النقض ) بأنه قد ثار خلاف بين اعضاء اللجنة التشريعية التي راجعت المشروع التمهيدي والتي كانت مشكلة برئاسة كامل صدقي باشا حول ما اذا كان حق الشفعة حقا شخصيا ام حقا عينيا وما اذا كان قابلا للتحويل من عدمه فقال المسيو " فان آكر " أنه قد تبين له من استعراض مختلف الاحكام التي اصدرتها محكمة الاستئناف المختلطة في هذا الموضوع أن هذه المحكمة بعد ان قضت في سنة 1882 باعتبار دعوي الشفعه دعوي عينيه عادت فعدلت عن رأيها في سنة 1900 وسنة 1903 وسنة 1908 وحديثا سنة 1922 بأن قررت أن حق الشفعه ينقضي بموت الشفيع وأضاف أن جميع هذه الاحكام قد ذكرت أن حق الشفعه بحسب قواعد الشريعه الاسلامية انما تقرر لأعتبارات شخصية تتعلق بالشفيع وقت حصول البيع ولذا فهو غير قابل للأنتقال الي ورثته وهذا هو ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف الوطنيه في حكمها الذي اصدرته دوائرها المجتمعه فحق الشفعه اذن حق شخصي وليس عيني بل ان اعتباره حقا عينيا يفضي الي نتيجة غير مقبوله وهي ان دائني الشفيع يكون لهم اذا ما تخلف عن استعمال حقه في الشفعه ان يحلوا محله في استعمال هذا الحق نيابة عنه
وذهب اتجاه آخر قال به المسيو " بسلر " الي أن ماهية حق الشفعه ليست مثارا للشك فالشفعه طريق من طرق اكتساب الملكية تخول للشفيع حقا مباشرا يسري بالنسبة الي الكافة وهذا الحق في نظره حق عيني ينتقل الي ورثة الشفيع اما فيما يتعلق بالنتيجة التي أشار اليها المسيو " فان أكر " وهو جوازقيام دائني الشفيع باستعمال هذا الحق نيابة عنه في حالة تخلفه عن طلب الشفعه فان هذه النتيجه الاحتمالية لا تبدو غريبة اذ لا ضير من استعمال دائني الشفيع لهذا الحق نيابة عنه اذا كان من وراء ذلك تحقيق مصلحة لهم
وذهب اتجاه ثالث قال به المسيو " دوفيه " الي أنه يبدو أن حق الشفعه ذو صيغة مختلطة لذا يجدر بنا اغفال وصفه في تعريف الشفعه بأنه عيني أو شخصي وترك الحرية للقضاء ليضفي علي هذا الحق اي الوصفين يشاء . وفي ذات اللجنة قيل برأي يجدر التنويه اليه لأهميته وهو ما قال به فؤاد حسني بك من أن هناك مسألة أولية يتعين البدء بالبت فيها قبل البحث فيما اذا كان حق الشفعه حقا ام مجرد وسيلة لأكتساب حق فاذا سلمنا بأن الشفعه ليست الا مجرد وسيلة لأكتساب الملكية كما يبدو فلا حاجة للبحث فيما اذا كانت هذه الوسيلة شخصية ام عينيه ذلك أن الشفعه طريق من طرق كسب الملكية بحلول الشفيع محل المشتري الا انها لا تخول الشفيع كافة المزايا الممنوحة للمشتري والتي يمكن ان نذكر منها علي سبيل المثال مزية الاجل وبناءا علي ذلك يكون من التزيد البحث في عينيه او شخصية هذه الوسيلة من وسائل اكتساب الملكية التي تحميها دعوي فاذا توفي الشفيع قبل مباشرة دعواه سقطت الشفعه بوفاته اما اذا كان قد رفع الدعوي فانها تصبح جزءا من ذمته وتنتقل الي ورثته من اموال التركة شأنها في ذلك شأن دعوي التعويض مثلااذ ليس هناك مبرر للتفرقة بين دعوي الشفعه واي دعوي اخري فكل الدعاوي تكون جزءا من ذمة الشفيع وتنتقل بالتالي الي ورثته وقد ورد بمذكرة المشروع التمهيدي أن الشفعه قد عرفت بأنها رخصة لا ( حق ) لأنها ليست بحق بل هي سبب من أسباب كسب الملكية فلا معني للبحث فيما اذا كانت الشفعه حقا عينيا ام حقا شخصيا وقد حذف المشرع من التعريف الذي اقرته اللجنه العبارة التي تذكر أن الشفعه سبب لكسب الحقوق العينيه واذا اريد بهذه العبارة كما تقول المذكرة الايضاحيه للجنة ان تبقي الشفعه دائرة بين العينيه والشخصية كان هذا سببا ادعي لحذفها .
وانتهي المستشار مصطفي مجدي هرجه في كتابه الي القول بأن الصحيح كما يذهب الدكتور عبدالرزاق السنهوري ان الشفعه ليست بحق عيني ولا بحق شخصي بل هي ليست بحق اصلا انما الشفعه سبب لكسب الحق فالشفيع يكسب بالشفعه ملكية عقار او حقا عينيا علي هذا العقار كحق انتفاع او حق رقبة او حق حكر والفرق واضح بين الحق نفسه وبين سبب من اسباب كسبه فالملكية مثلا حق عيني وتكسب بالاستيلاء والميراث والوصية والالتصاق والعقد والحيازة والشفعه ولم يتساءل احد هل الاستيلاء او الميراث او الوصية او الالتصاق او العقد او الحيازة علي حق عيني او حق سخصي فلماذا يتساءلون عن الشفعه هل هي حق عيني ام حق شخصي
وانتهي الكاتب الي ان الشفعه ليست حقا من الحقوق ولذلك لا يجوز وصفها بأنها حق عيني أو حق شخصي او بأنها بين هذا وذاك أن الشفعه مجرد رخصة او هي علي حد قول الشرعيين خيار ومشيئة فهي مصدر من مصادر الملكية وسبب من اسباب كسبها وليست في ذاتها حقا من الحقوق وعلي ذلك استقر الفقه فقيل بأن الشفعه هي مجرد رخصة او هي علي حد قول فقهاء الشريعه خيار ومشيئة وليست حقا بالمعني الدقيق