بسم الله الرحمن الرحيم
مذكرة بنتيجة التحقيقات الداخلية عن جرائم سرقة وإتلاف بشركة .....
الوقائع
تتحصل في حسبما أحيل إلينا من السيد الأستاذ ........................... , بالتحقيق في المذكرة المقدمة من سيادته , وموضوعها فتح تحقيق إداري فيما خلصت إليه المذكرة من وقائع حول قيام السيد : ................ المستشار القانوني للشركة والقائم بأعمال نائب المدير العام بالتواطؤ مع بعض الموظفين بالشركة بالتحريض على التوقف التام عن العمل , واختلاس جميع أموال الشركة وموجوداتها من أثاث مكتبي وأجهزة كمبيوتر وقواعد البيانات الخاصة بمواقع الشركة وأكواد المواقع البرمجية , وأجهزة الفاكس وماكينات التصوير والطباعة والتليفونات الأرضية والمحمولة بقصد تملكها إضراراً بمالكها شركة ................. .
التحقيقات
وبسؤال كلاً من الآتي أسمائهم
1- السيد : أيمن إبراهيم عثمان ( مدير الإدارة الفنية التجارية )
2- السيد : محمد قناوي محمود قناوي ( رئيس قسم البرمجة )
3- السيد : عصام سعيد السلاموني (مدير موقع محامو المملكة)
4- السيد : كمال عبد الرحيم الحداد (مهندس برمجة )
5- السيد : إمام إبراهيم على حجازي ( عامل )
6- السيد : أحمد سعيد سليم ( مصمم مواقع )
7- السيد : أحمد مبروك حسب النبي (مدير إدارة المواقع )
عن قولهم في صحة ما ورد بالمذكرة من أن السيد : ............................. قام بالتواطؤ مع بعض الموظفين بالشركة بالتحريض على التوقف التام عن العمل , واختلاس جميع أموال الشركة وموجوداتها من أثاث مكتبي وأجهزة كمبيوتر وقواعد البيانات الخاصة بمواقع الشركة وأكواد المواقع البرمجية , و المكيفات و أجهزة الفاكس وماكينات التصوير والطباعة والتليفونات الأرضية والمحمولة بقصد تملكها إضراراً بمالكها شركة ........................ .
قد أقروا مؤكدين حدوث ذلك , وقد أضافوا جميعًا أن ذلك كان بالتواطؤ بين ............ المستشار القانوني للشركة و كلاً من
1- مدير مواقع وبيانات
2- المدير المعين للشركة
3- محاسب بالشركة
وقد أضاف الثاني أن المدعو أ . ق قام بالاستيلاء على الجهاز الخاص به , وقام بتحريضه على إتلاف المواقع المملوكة للشركة من خلال محاولة وضع ثغرة برمجية تتيح إتمام هذا الإتلاف , وأن المدعو ع . ع قد حرض على إتلاف مواقع الشركة بمسح قواعد البيانات الخاصة بها من على سيرفر شركة الاستضافة.
وقد أضاف الثالث أن المدعو أ . ق قام بمعاونة كلاً من ع . ع و المدعو ح . م , والمدعو و . أ بطرد العاملين بالشركة ومنعهم من دخولها بالقوة .
وقد أضاف الرابع أن المدعو أ . ق قام الاستيلاء على الجهاز الخاص به , وقام بمعاونة كلا من ع . ع والمدعو ح . م والمدعو و . ا باختلاس نسخة من قواعد بيانات مواقع الشركة عن طريق تحميل بعضها من جهاز سيرفر شركة الاستضافة والبعض الأخر من أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بالعاملين بالشركة , وكذلك الأكواد البرمجية الخاصة بها.
وقد أضاف السادس أن المدعو أ . ق اختلس جهازي كمبيوتر مملوكين للشركة يعمل عليهم كلاً من المبرمجين محمد سعيد وكمال الحداد , وقام بمعاونة كلاً من ع , ع والمدعو ح . م المدعو و . ا بطرد العاملين بالشركة ومنعهم من دخولها بالقوة.
وقد أضاف السابع أن المدعو أ . ق اختلس بنية التملك قواعد البيانات الخاصة بمواقع الشركة وأكوادها البرمجية والأثاث الخاص بالشركة والأجهزة والمنقولات الموجودة لها و وقام بمعاونة كلاً من ع . ع والمدعو ح , م و والمدعو و , ا بإتلاف اللافتة الخاصة بالشركة
الرأي القانوني
لما كان مؤدى ما أثبتته التحقيقات و المراسلات البريدية المرسلة عبر البريد الاليكتروني , في بيانها للوقائع أن كلاً من 1 - أ . ق المستشار القانوني للشركة 2- ع . ع مدير مواقع وبيانات 3- ح , م المدير المعين للشركة 4- و , ا محاسب بالشركة, قد اختلسوا بنية التملك قواعد البيانات الخاصة بمواقع الشركة وأكوادها البرمجية وكذلك جميع موجودات الشركة من أثاث ومنقولات وأجهزة كمبيوتر وأجهزة اليكترونية , وقاموا بتحريض الموظفين على التوقف التام عن العمل وطرد بعضهم من الشركة ومنعوهم من دخولها بالقوة , بعد أن استحوذوا على مقر الشركة الموضح بسجلها التجاري رقم ........... والكائن بـالدور الأول بالعقار ...................... – محافظة القاهرة , ونقلوا بعض ما بها من منقولات مملوكة للشركة إلى مكان غير معلوم بما يفيد اختلاسهم لها , وحيث أن استحواذهم عليها لم يكن إلا بصفة عرضية بوصفهم موظفين بالشركة مما ليس من شأنه نقل حيازتهم إليها بأي وجه من الوجوه .
ولما كانت جريمة السرقة كما عرفها المشرع بالمادة 311 عقوبات بأنها " اختلاس مال مملوك للغير بنية تملكه " وعن فعل الاختلاس وبحسب ما استبان من واقع التحقيقات وشهادة الشهود والمراسلات البريدية الرسمية , بأن المتهمين قد اشتركوا بنية التملك في اختلاس كافة موجودات الشركة وأصولها ومنقولاتها بأن أوقفوا العاملين بها عن العمل وطردوا البعض الآخر واستحوذوا على مقرها ونقلوا ٍممتلكاتها إلى مكان غير معلوم لم يستدل عليه , أما عن محل الاختلاس فقد وقع فعل الاختلاس بحسب ما جاء في التحقيقات على قواعد البيانات الخاصة بمواقع الشركة الاليكترونية وأكواد تلك المواقع البرمجية وكذلك ما تمتلكه الشركة من أثاث ومنقولات وأجهزة كمبيوتر وأجهزة اليكترونية على النحو الوارد بقائمة ممتلكات وأصول الشركة , وحيث أن هذه الأصول والموجودات هي ملكًا لشركة ....................., بما يتبين معه استخلاص وقوع السرقة من توافر فعل الاختلاس الثابت بالتحقيقات وشهادة الشهود , ولما كان القصد الجنائي في جريمة السرقة يتحقق بقيام علم الجناة وقت ارتكابهم للفعل بأنهم يختلسوا المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية امتلاكه وهو ما ثبت من واقع التحقيقات وشهادة الشهود وإقرار المتهمين وإعترافهم بحصوله .
وإذ أنه من المقرر أنه يتوافر الاشتراك في جريمة السرقة بطريق الاتفاق متى اتحدت إرادة الشريك مع باقي الجناة على ارتكاب الجريمة ووقعت بناء على هذا الاتفاق , وحيث أن نتيجة التحقيقات قد عرضت في مقام استخلاصها لما ثبت في حق كل من المتهمين , بأن المتهم الأول أ , ق قد اختلس بعضًا من قواعد بيانات مواقع الشركة من على سيرفر شركة الاستضافة التي أبلغت بحدوث ذلك الفعل بإعطائه الأمر للمبرمجين بهذا النسخ , مع الاحتفاظ بهذه النسخة على اسطوانة مخصصة لهذا الغرض , وكذلك اختلاس باقي قواعد البيانات والأكواد البرمجية بطريق الاستيلاء الكامل على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالعاملين بالشركة بما تحويه من بيانات ومعلومات وأكواد , وكذلك اختلاس أثاث ومنقولات الشركة وكافة الموجودات والأصول الخاصة بها , وذلك كله بناء على الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين الثاني ع . ع والثالث ح , م والرابع و , ا , وذلك بغرض الاستيلاء عليها لأنفسهم بقصد إنشاء شركة معلومات أخرى تباشر نفس نشاط الشركة التي يعملون بها مستخدمين في ذلك قواعد البيانات الخاصة بها والأكواد البرمجية للمواقع وأثاثها ومنقولاتها وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة الاليكترونية المملوكة لها , وعلى ذلك يكون التدليل على قيام الاشتراك بين المتهمين من نتيجة التحقيقات والظروف والملابسات والمراسلات البريدية هو و تدليلاً سائغًا , بما ينتفي معه عنها أي قصور في استظهار مظاهر هذا الاشتراك والاتفاق بين المتهم الأول وباقي المتهمين الآخرين .
وحيث ان ما اقترفه المتهمون من أفعال مؤثمة يعاقب عليها بجريمة السرقة المنصوص عليها بالمادة 311 عقوبات وذلك باختلاسهم بنية التملك أموال الشركة التي يعملون موظفين بها , وحيث أنه تقديراً من المشرع جعل من الصفة الخاصة التي يتمتعون بها وهي الصفة الوظيفية لهم ظرفًا مشدداً لتشديد العقوبة عليهم , حيث انه بالأصل أنهم كان يناط بهم حماية أموالها وممتلكاتها باعتبارهم مستأمنين عليها فكانت موضوعة تحت تصرفهم لأغراض العمل لا يحق لهم بحال الاعتداء عليها باختلاسها لأنفسهم على نحو ما حدث منهم , وقد نص المشرع على ذلك بالمادة 317 عقوبات في فقرتها السابعة على يعاقب بالحبس مع الشغل على سابعا :- على السرقات التي تحصل من الخدم بالأجرة إضراراً بمخدوميهم أو من المستخدمين أو الصناع أو الصبيان في معامل أو حوانيت من استخدموهم أو فى المحلات التي يشتغلون فيها عادة."
ولما كان المتهمون جميعًا يعملون لدى الشركة كمستخدمين فيها وحيث أنه وبحسب الثابت من صحيفة تأسيس الشركة بأن المتهم الأول يعمل بوظيفة مستشار قانوني لها والمتهم الثالث يعمل مديراً لها , وبحسب الثابت من التحقيقات وشهادة الشهود بان الثاني يعمل مديراً للمواقع والبيانات والرابع يعمل كمحاسب بها , وكان من الثابت أن الجريمة قد وقعت منهم جميعًا بمناسبة عملهم بالشركة باعتبارها المكان الذين يعملون فيه عادة بما مؤداه توافر الظرف المشدد في حقهم .
وحيث انه لا جدال في وقوع جريمة السرقة على المنقولات المادية للشركة من أثاث وأجهزة كمبيوتر وأجهزة اليكترونية على النحو الثابت بقائمة ممتلكاتها ومن دفاتر حساباتها والتحويلات الوارد إليها من المملكة العربية السعودية على الحساب البنكي الخاص بالشركة , كذلك فإن مقومات الجانب المادي من النظام الآلي لمعالجة المعلومات يعد مالاً هو الأخر , حيث يمكن على كل حال ترجمة تلك المعلومات إلى قيمه مالية أو على الأقل يمكن استغلالها ماليًا وهو الغرض الأساسي الذي أنشئت من اجله الشركة , حيث أن القابلية للاستغلال المالي لا تعني أنها واردة على شئ يعتبر مالاً في ذاته , وإنما فقط يمكن استغلاله ماليًا على هذا النحو ومنها قواعد بيانات الشركة وأكواد مواقعها البرمجية , حيث ان تلك البيانات والمعلومات وهي تشكل جزءاً كبيراً من رأس مال الشركة غير متاح الحصول عليها للجميع , ولكن يمكن ذلك فقط بمقابل مادي محدد من قبل مالكها شركة ................ , وعلى ذلك فإن الحصول عليها عنوة وباختلاسها على النحو الصادر من المتهمون بغير رضاء من له الحق في تقاضي مقابل عنها يكون في حقيقته سرقة للمنفعة .
وحيث أن قانون العقوبات المصري في المادة 311 منه لم يشترط أن ينصب فعل الاختلاس المكون للركن المادي لجريمة السرقة على محل مادي , لذلك تصلح الأشياء غير المادية والمعنوية أن تكون موضوعًا لجريمة السرقة , وذلك حتى لا تجرد هذه الأشياء من الحماية القانونية مما يفتح المجال واسعًا للاعتداء عليها , ولما كان المشرع لم يشر في نص المادة 311 عقوبات إلى الشئ أو المال محل السرقة مما يفيد بأن طبيعة هذا المحل لا يرد عليها أي قيد أو تخصيص من المشرع ويستوي لديه بالتالي أن تقع السرقة على أشياء مادية أو معنوية , وبالتالي يشمل هذا المحل في جريمة السرقة كافة الأموال أو كل عناصر الذمة المالية حتى ولو كانت هذه الأموال غير مادية كقواعد البيانات طالما كانت تقبل الاختلاس , ووفقا لذلك تصلح قواعد البيانات وبرامج الكمبيوتر أن تكون محلاً لجريمة السرقة على النحو الحاصل بالواقعة محل التحقيق , باعتبارها طاقة ذهنية تقبل التملك والحيازة بذاتها من خلال الأسلاك التي تمر بها , كما أنها تقبل الانتقال , وهي لا تنتقل إلا بموافقة مالكها وهذه الموافقة يترجمها الرقم الكودي وكلمة السر حيث يعدان بمثابة المفتاح الذي يتحكم فيها , وعلى ذلك وبالرغم من أن تلك البيانات شئ غير مادي إلا أنها تصلح على هذا النحو لأن تكون محلاً لجريمة السرقة .
وحيث أن قواعد بيانات المواقع المملوكة للشركة قد تمت معالجتها اليكترونيًا فتجسدت في كيان مادي يتمثل في نبضات اليكترونية أو إشارات اليكترونية ممغنطة يمكن تخزينها على وسائط ونقلها وبثها وحجبها واستغلالها ماليًا , فضلاً عن إمكانية تقديرها كميًا من حيث المبدأ وقياسها باعتبارها شيئا له وجود مادي محسوس .
ومن التطبيقات القضائية لتوافر القصد الجنائي في مجال الإجرام ألمعلوماتي قضت محكمة استئناف بروكسل في حكم لها صدر في ديسمبر 1986 "من توافر القصد الجنائي في حق متهم صنع بصورة غير مشروعة نسخًا احتياطية من برامج معلوماتية بغية حيازتها والاحتفاظ بها بسوء نية لاستعمالها بعد ذلك في أغراضه الشخصية " واعتبار أن البيانات المعالجة اليكترونيًا هي أشياء محسوسة ومادية يصح أن يرد عليها الاختلاس
ومن هذا المنطلق اتجه القضاء الفرنسي إلى وقوع جريمة السرقة بتصوير مستندات دون موافقة صاحبها على الرغم من ترك المستندات الأصلية
Cf .par.ex:crim 29 Avr 1986 , Jcp edG 1968 ,P .192
وقد كان اعتبار تصوير المستندات سرقة خطوة نحو اعتبار نسخ الشرائط الممغنطة ( الديسكات ) سرقة , فقد اتجهت أحكام القضاء الفرنسي أيضًا إلى وقوع السرقة من المستخدمين في إحدى الشركات الذين قاموا بنسخ الديسكات الخاصة بتلك الشركة بدون موافقة صاحب الحق في ذلك
Crim . 12 Janv . 1989 , bull . crim n87 -82 , lamy
وكذلك اتجهت أحكام القضاء البلجيكي نفس الوجهة التي تبناها القضاء الفرنسي عندما اعتبر أن نسخ المعلومات مشكلاً لجريمة السرقة
Anvers , Bdec,1984 , T.corr. Bruxelles ,31 Janv
1986,T.corr . Bruxelles Bmai 1988
وأيضًا وصفت الدائرة الجنائية بمحكمة النقض الفرنسية , نقل الوثائق بالتصوير بالسرقة
كما أن محكمة جنح مونبيليه في حكم شهير لها صادر بتاريخ 26/8/1978 اعتمدت مبدأ سرقة المعلومات بإدانة مبرمج معلومات قام بإعادة نسخ برنامج قام بتأليفه لإحدى المنشآت
وفي الولايات المتحدة الأمريكية حكمت محكمة ولاية تكساس بمعاقبة أحد العاملين السابقين في إحدى شركات الكمبيوتر على جريمة سرقة بعض برامج الكمبيوتر وبيعها في إحدى الشركات المنافسة , وفي معرض تسبيبها للحكم قررت المحكمة بأنه يتعين رفض حجة المدعي من أن قانون ولاية تكساس يعاقب على جريمة سرقة الأشياء المملوكة إذا بلغت خمسين دولار , وأن الجريمة لذلك لم تتوافر لأن قيمة الشرائط التي سجلت عليها برامج الكمبيوتر لا تساوى أكثر من خمسة وثلاثين دولار , حيث أن القيمة الحقيقية للبضائع المسروقة لا تتمثل في هذه الشرائط وإنما فيما تحتويه من معلومات وعليه فقط أسست المحكمة حكمها على أساس أن سرقة برامج الكمبيوتر كمعلومات يعد استيلاء على حق من حقوق الملكية بالمعنى الدقيق .
ولما كان الاختلاس في قانون العقوبات المصري هو الاستيلاء على الحيازة الكاملة للمال بدون رضاء مالكه , فقد توافر في الأفعال التي اقترفها المتهمون الشرطين اللازمين لتوافر فعل الاختلاس , أولا: بوقوع جريمة السرقة على برامج وقواعد بيانات الحاسب الآلي المملوكة للشركة وذلك بسرقة الدعامة المادية التي تحتويها هذه البرامج والقواعد من جهة , ومن جهة أخرى بنسخ بعضها من على أجهزة أخرى عن بعد , إذ أن تلك البرامج والبيانات تصلح لأن تكون محلا للاختلاس بوصفها " خلق فكري " وأن النسخ يعد بالنظر إلى طبيعة البيانات المخزنة اليكترونيا طريقة يمكن لاختلاسها لأن الاستيلاء يتحقق به .
وهذا ما تجري عليه كذلك أحكام القضاء الفرنسي , وخاصة الحكم الصادر من محكمة النقض الفرنسية المعروف باسم borquin , والتي تتلخص وقائعه في قيام عاملين من عمال مطبعة بوركان قاما داخل المطبعة وبأدواتها بتصوير سبعة وأربعين شريطًا أخرى وقاما بتصويرهم خارج المطبعة وعلى ماكيناتهم الخاصة بهدف إنشاء شركة منافسة جديدة فيما بعد , وقدما للمحاكمة بتهمة السرقة , وصدر الحكم بإدانتهم فأيدت محكمة النقض الفرنسية هذا الحكم لتوافر جريمة السرقة ضدهما , والتي تتمثل في سرقة بعض الشرائط وفي سرقة المحتوى ألمعلوماتي للبعض الأخر , وذلك مدة الوقت اللازم لنسخ هذه المعلومات , وذلك يعد بلا شك اتجاه صريح من محكمة النقض الفرنسية بصلاحية البرامج والبيانات بالرغم من طبيعتها المعنوية لأن تكون محلا للاختلاس ذو الطبيعة المادية .
حيث أن قيام الجناة بنسخ برامج وقواعد بيانات دون رضاء مالكها فعل يتحقق به ركن الاختلاس في جريمة السرقة , وذلك لأن الاستيلاء عليها يتحقق واضحًا جليًا فيما يرتبه النسخ من وقوع البيانات حقيقة وبكل فوائدها ومزاياها الاقتصادية وغيرها تحت سيطرة المتهمين فيصبح بمقدورهم التصرف فيها بحرية وتوجيهها , وبها يظهر المتهمون بمظهر المالك ويغتصبون سلطة مالكها في ذلك بتجريد البيانات من الذمة المالية للشركة .
وتأييداً لذلك حكمت محكمة النقض الفرنسية أيضًا في حكمها الصادر في قضية Logolixa سنة 1979 و التي قررت فيه بأن " إعادة إنتاج مستندات بدون علم ورضاء مالكها يشكل جريمة سرقة , لأن مرتكب هذا الفعل وكان مستخدمًا بأحد المشروعات نسخ عن طريق تصوير مستندات سرية تحتوى على خطة هيكلة المشروع يكون قد استولى بطريق الغش على هذه البيانات "
ولما كانت قواعد البيانات المعالجة اليكترونيا وأكواد المواقع البرمجية المملوكة للشركة والتي وقع الاعتداء عليها تعد مالاً بطبيعة الحال باعتبار أن لها قيمة اقتصادية تستحق الحماية القانونية إذ أنها تشكل رأس مال الشركة الثابت بأوراق تسجيلها , بالرغم من كونها غير محسوسة , ولكن يمكن ترجمتها في كيان مادي حين تراها شيئًا ماديًا ملموسًا حين تترجم على شاشات الحاسب الآلي في صورة أفكار , وحين تظهر في صورة أوراق مطبوعة , وبالتالي فإن تلك البيانات والمعلومات والتي تنتقل عبر الأسلاك عن طريق انتقال نبضات ورموز تمثل شفرات تتحول إلى معلومات معينة لها أصل يمكن سرقته والاستيلاء عليه وبالتالي فإن لها كيان مادي .
وقياسًا على ذلك فإن محكمة النقض في كلا من فرنسا ومصر قد استقرت على أن الكهرباء وإن كانت غير ملموسة , فإنها قابلة للسرقة وذلك باعتبار أن الكهرباء لها كيان مادي إذ تسري في الأسلاك التي تمر من خلالها وعلى ذلك يمكن اختلاسها , وانطباق نصوص السرقة عليها . حيث أن حقيقة التشابه بين سرقة المعلومات والبيانات وبين سرقة التيار الكهربائي , يكمن في أن كليهما ليس له مادية الأشياء الملموسة .
وتأسيساً على ذلك فإن قواعد البيانات وأكواد المواقع البرمجية هي ملك لصاحبها شركة ....................... ولها هي وحدها صاحبة الحق في الاستئثار بها , وذلك بعد أن منعت الغير من الحصول عليها بتأمينها بكلمة السر وبرامج حوائط المنع واستخدام تقنيات التشفير , بما يؤكد أنها جديرة بالحماية القانونية الجنائية , وتصلح لأن تكون بذاتها محلا لجريمة السرقة , وحيث انه وقد وقعت هذه البيانات والأكواد في يد المتهمين العارضة بوصفهم موظفين بالشركة مما ترتب عليه اختلاسهم لها واستئثارهم ببعض سلطات المالك عليها دون أن يتطلب ذلك نقل البيانات من مكانها الذي وقعت فيه , وقد اختلسوها لأنفسهم مما يترتب عليه توافر الركن المادي المشكل لجريمة السرقة في حقهم .
وحيث أن بعد الاطلاع على التحقيقات والخطابات البريدية المرسلة من المتهم الأول عبر البريد الاليكتروني أن المتهمون قد اختلسوا قواعد البيانات الخاصة بمواقع الشركة وأكوادها البرمجية وكافة موجودات الشركة وأصولها بنية تملكها واستعمالها في تأسيس شركة أخرى منافسة خاصة بهم , يتوفر به القصد الجنائي المتطلب في توافر أركان جريمة السرقة بعنصريها العلم والإرادة , حيث أن ذلك كان بعلمهم بملكية شركة .................. لتلك الأشياء مع اتجاه إراداتهم إلى إحداث ذلك الأثر المترتب على حيازتهم لها الحيازة الكاملة , وانصراف نيتهم إلى الاستئثار بها والظهور بمظهر المالك عليها مما يتوافر في حقهم أركان جريمة السرقة
بناء عليه
من حيث أنه قد اتضح من المراسلات البريدية المرسلة من المتهم الأول والرابع , وكذلك وبحسب ما اتضح من أقوال الشهود أن كلا من
1- المستشار القانوني للشركة
2- مدير مواقع وبيانات
3- المدير المعين للشركة
4- محاسب بالشركة
و قد ثبت عليهم ما نسب إليهم من أفعال , والتي تتمثل في
أولاً : أمر العاملين بالشركة بالتوقف التام عن العمل , وطرد بعضهم منها ومنع الباقيين من الدخول بالقوة
ثانيًا : إزالة اللافتة الخاصة بالشركة واستبدالها بلافتة أخرى تخص المتهم الأول
ثالثا : التحريض والشروع في إتلاف مواقع الشركة بمسح قواعد البيانات الخاصة بها من على جهاز خادم شركة الاستضافة
رابعاً : التحريض والشروع في إتلاف مواقع الشركة بالطلب من المبرمج بالشركة وضع ثغرة برمجية تتيح إتيان ذلك
خامسًا : اختلاس نسخة من قواعد بيانات مواقع الشركة عن طريق تحميل بعضها من على جهاز خادم شركة الاستضافة والبعض الأخر بسرقة أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بالعاملين بالشركة بما تحويه , وكذلك الأكواد البرمجية الخاصة بها
سادسًا : اختلاس جميع أموال الشركة وموجوداتها من أثاث مكتبي وأجهزة كمبيوتر, وأجهزة الفاكس وماكينات التصوير والطباعة والتليفونات الأرضية والمحمولة بقصد تملكها
لذلك
نرى لدى الموافقة إحالة الأوراق للنيابة العامة للاختصاص حيث أن الأمر يشكل جريمة سرقة وفقاً لنص المادة 317 من قانون العقوبات في فقرتها السابعة والتي تنص على " يعاقب بالحبس مع الشغل على
سابعا :- على السرقات التي تحصل من الخدم بالأجرة إضراراً بمخدوميهم أو من المستخدمين أو الصناع أو الصبيان في معامل أو حوانيت من استخدموهم أو فى المحلات التي يشتغلون فيها عادة."
أحمد سويد