كثيراً ما أعيد مراراً قراءة ما يسطره يراع الأستاذ المميز حسني سالم من تحف قانونية سواء كمشاركة مستقلة له أو مداخلة برد و منذ بضعة اشهر تقدم أحد الزملاء بمشاركة حول قائمة المنقولات بين زوجين من الطائفة المسيحية على ما أذكر وكان للزميل الأستاذ العزيز حسني هذه المداخلة التي استوقفتني واقتطفتها لأحتفظ بها لقراءة متأنية واليوم وقد أعجبتني فكرة الأستاذ الفاضل أحمد الريس بتقديم هذه التحف القانونية أرتأيت وفي زخر صفحتنا الأولى بعدد من المشاركات الشرعية التي تجذب الاهتمام أن أقدم هذه المداخلة كمشاركة مستقلة نتحدث حولها ولمزيد من الفائدة للزملاء الأعزاء فمع هذا الفن القانوني الرائع نبقى :
**********
في الواقع لا علاقة بالشريعة الإسلامية أو المسيحية بقائمة منقولات الزوجية , ولم يقل أحد بأن الشريعة الإسلامية تلزم الزوج بتحرير قائمة بمنقولات الزوجية . فعقد الوديعة أو عارية الاستعمال كما كيفت محكمة النقض قائمة منقولات الزوجية , لا يعدو إلا أن يكون أحد العقود المسماة في القانون المدني , ومخالفة هذا العقد تستوجب إما التنفيذ العيني برد الوديعة أو التنفيذ بمقابل عن هلاكها , إلا أن المشرع الجنائي رأي أيضا أن تبديد الشيء المسلم علي سبيل الوديعة يعد خطأ تقصيرياً يوجب معاقبة مرتكبه بعقوبة جنائية .
ومن هنا ذهب البعض إلى أن قائمة منقولات الزوجية تعد في تكييفها القانوني عقد عارية استعمال - وفق تكييف محكمة النقض لها - ومن ثم يعاقب المتهم بالعقوبة الواردة في المادة 341 من قانون العقوبات .
مادة 341
كل من أختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقوداً أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلاً بأجره أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو استعمالها فى أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزداد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري.
والواقع أن التكييف الصحيح لقائمة منقولات الزوجية وفق ما استقر عليه الفقه أنه عقد قرض لأن القائمة تحتوي علي أشياء قيمية وأخري مثلية , ومن ثم لا ينطبق علي قائمة منقولات الزوجية أي عقد من العقود الخمسة التي وردت بنص المادة 341 عقوبات , ولكن العمل جري علي تجريم هذا الفعل ولمقتضيات تخص نسيج الشعب المصري , باعتبار أن قائمة المنقولات هي محض اختراع مصري لا يوجد ما يماثله في العالم قاطبة , ولو أن القضاء اعتبر قائمة المنقولات ليست عقد عارية استعمال وبرأت المتهم , لوجدنا نصف النساء بمصر مطلقات , فما يمسك الزوج عن الطلاق في المقام الأول سوي تلك القائمة المسلطة سيفا علي رقاب الرجال . وأعود مرة أخري وأكرر أن الشريعة الإسلامية لم تلزم الزوج بتحرير هذه القائمة وإنما أوجبت علي الزوج تقديم مهر للزوجة , ومهر المثل عند عدم الاتفاق عليه , ويصح الزواج بدون الاتفاق علي المهر لأنه ليس ركنا من أركان العقد ولكنه لا يكون لازما أو نافذا إلا بتقديم المهر علي ما أذكر ,
أما من ناحية الموضوع , فإن المستقر عليه قضاء أنه لابد من وجود أحد عقود الأمانة أو قائمة المنقولات حتى يدان المتهم , و إلا قضي بالبراءة , وخاصة أن المدعي بالحق المدني يقر في صحيفة الجنحة المباشرة عدم تحرير ثمة عقد أمانة . ويعد وجود عقد الأمانة أحد المفترضات التي يجب توافر قبل الحديث عن الركن المادي والمعنوي في جريمة التبديد بالإضافة إلى واقعة التسليم أيضا فهي مفترض أولي أيضا وليست ركنا من أركان الجريمة كما هو شائع بين الخاصة والعامة وحتى أمام المنصة أسمع من يقول انتفاء ركن التسليم .
والسبب في وجوب وجود عقد مكتوب , أن هذا العقد لابد أن يكون تحت بصر عدالة المحكمة حتى تقسطه حقه من التكييف للوقوف علي ما إذا كان أحد عقود الأمانة من عدمه , وتفسره بالبحث عن النية المشتركة للمتعاقدين , ومن ثم فإن مآل هذه الجنحة هو البراءة ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة . وهناك العديد من أحكام النقض في هذه المسألة يمكن الرجوع إليها وعلي سبيل المثال المرصفاوي في قانون العقوبات ستجد فيه العديد من الأحكام , ولكني ارتجل وليس بيدي الكتاب .
حسني سالم المحامي