يجري نص المادة (169) من الدستور بأن تكون:
"جلسات المحاكم علنية، إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب، وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية"
كما يجري نص المادة (268) من قانون الإجراءات الجنائية بأنه:
"يجب أن تكون الجلسة علنية، ويجوز للمحكمة مع ذلك مراعاة النظام العام، أو محافظة على الآداب، أن تأمر بسماع الدعوى كلها، أو بعضها في جلسة سرية، أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها".
وبالأمس تناقلت وسائل الإعلام المختلفة خبراً حول قرار مجلس القضاء الأعلى الصادر "بالإجماع"، بشأن عدم السماح بنقل، أو بث، أو تسجيل، أو إذاعة وقائع المحاكمات، بواسطة أية وسيلة من وسائل الإعلام، أو قيامها بتصوير هذه الوقائع، أو هيئات المحاكم، أو الدفاع، أو الشهود، أو المتهمين أثناء إجراءات تلك المحاكمات.
وطالب المجلس بضرورة تجنب التناول الإعلامي بأية طريقة من طرق العلانيةللدعاوى في كافة مراحل التحقيق، والمحاكمة، على نحو يتضمن الإخلال بهيبة أو مقام أي من القضاة أو رجال النيابة العامة، وإبداء ما من شأنه التأثير فيهم أو التأثير في الشهود أو الرأي العام لمصلحة طرف في المحاكمة أو التحقيق أو ضده.
بمطالعة اختصاصات مجلس القضاء الأعلى الواردة حصرًا ضمن نصوص القانون (46) لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، يتبين الآتي:
مادة 77- مكرر (2)
يختص مجلس القضاء الأعلى بنظر كل ما يتعلق بتعيين وترقية ونقل وندب وإعارة رجال القضاء والنيابة العامة وكذالك سائر شئونهم على النحو المبين في هذا القانون ويجب اخذ راية في مشروعات القوانين المتعلقة بالقضاء والنيابة العامة.
على ضوء ما تقدم، هل يمكن القول بأن قرار مجلس القضاء الأعلى قد خالف صريح نص المادة (169) من الدستور، والمادة (268) قانون الإجراءات الجنائية، بشأن علانية المحاكمات؟ لاسيما وأن تصوير، ونقل المحاكمة من مقتضيات العلانية، في حين أن سرية المحاكمة هي استثناء من الأصل العام، ومع ذلك فإن تقرير هذا الاستثناء هو اختصاص أصيل للمحكمة ناظرة كل دعوى على حدة. وأخذًا بما تقدم، هل يكون قرار مجلس القضاء الأعلى قد جاوز اختصاصاته، وتعدى صلاحياته، بما مؤداه جواز الطعن عليه أمام مجلس الدولة بوصف أنه قرار إداري معيب بغصب السلطة، وبمخالفة الدستور والقانون على النحو سالف البيان؟
تحياتي للجميع
محمد عبد المنعم