النبى محمد r يتطلع للمستقبل ..
وامته تعشق الرجوع للماضى ..
بقلم : صالح عينر
الامة الاسلامية الان على هذه البسيطة هى الامة الوحيدة التى تعيش من أجل ان يتحقق حلمها القومى فى ان يعود الزمان قرونا للوراء .. ولعل هذا ما يفسر لماذا اصبح العرب امة متفرغة لدراسة ماضيها والحياة فيه .. حتى انهم بدلوا خانة الازمنة الثلاثة الماضى والحاضر والمستقبل .. فوضعت الامة الاسلامية الحاضر والمستقبل مع الماضى فى خانة الماضى ..
ولعل القارىء يجد فى كثير من الاحاديث النبوية تحث على التطلع للمستقبل وكيف ان الاسلام سوف يعم الارض ؛ وسوف تسير المرأة ذاهبة للحج بلا حارس او حراسة ؛ وهو نوع من التنبأ بما سوف يكون للاسلام من رسوا لقواعده ومبادئه ؛ ومن الممكن للمرء ان يتوقف فى السنة النبوية عند كثير من الاحااديث التى يسعى النبى rمن خلالها باخبار صحابته وامته ان الزمان سوف يريهم كيف يتمكن دين الله من الارض . . فالنبى rيفرق بين الماضى الذى كان .. والحاضر الذى يجب ان يعيشه المسلم من اجل البناء والتعمير والدعوة الى الله .. والمستقبل الذى يخبر به النبى rصحابته قى غير موضع بما سوف يكون عليه .. لان هذه سنة الحياة على هذه الارض .. الا يعود الزمان الى الخلف ..
لكن التارخ فى الوعى العربى والاسلامى اليوم له دور عكس دوره الحقيقى .. فالتاريخ فى حقيقتة رصيد ثروة حضارية فكرية وانسانية .. لكنه ماض .. نعم هو يسرى فينا .. لكنه ابدا لن يعود .. نعم هو يلهمنا .. ولكنه لايحكمنا .. يتخذ منه العاقل عبر وعظة وخبرات تنفعه للمستقبل ..  لكنه لايحكم كل ما هو ات .. 
لكن التاريخ اليوم عند العرب والمسلمون سجن للروح والعقل وقيد على تحسين نوعية الحياة ؛ واصبح هذا التاريخ قيد واغلال تعوق انطلاق وتجدد الافكار .. حتى انفصل المسلمون عن الواقع .. فتخلفت الامة الاسلامية .. واصبحت فى وسائل العلم والتكنولوجيا بلاد متطفله على غيرها .. لاتبتكر بل تستعمل ابتكار غيرها .. ولا تخترع بل تستورد ما يخترعه غيرها ..
وليس هذا فى مجال التقنيات الحديثة فحسب .. بل حتى فى مجال الديمقراطية والحرية والحقوق السياسية تجد ان الغرب شعوبه تبحث جاهدة دائبة عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لكل فرد ؛ وعن مزيد من التقدم العلمى والفكرى وتحمل مسئوليات القيادة .. لكن المسلمون يتمنون الامانى .. ومهما لاقوا من ظلم حكامهم ليس لديهم الا مجرد كلمات طائشة .. وغاب الفعل .. وكأنهم ينتظرون ان تمطر السماء عليهم بالحرية والديمقراطية والمساواة ..
حتى اصبح الخطاب العربى الرسمى الرضا عما هو كائن .. ورفع شعار " لم فى الامكان الابداع اكثر مما كان .. " .. ثم لاينظرون للمستقبل بل يحنون الى الماضى ويديرون ظهورهم للعلم والعقل ويكتفون بالخيالات مثل اهل الكهف ..
ان النبى rكان يرى التاريخ قطارا يتحرك من الخلف الى الامام .. من الماضى الى المستقبل لانها سنة الحياة .. لكن العرب والمسلمون اليوم يرونه قطار من الممكن ان يرجع بظهره الى الخلف .. من المستقبل الى الماضى .. حتى توقف قطار الزمن عند العرب والمسلمون عند محطة ولم يغادرها .. والركاب انفسهم ليس لديهم وعى بحتمية وضرورة تحرك القطار الى الامام  وخطورة الجمود ..
وعلينا اذا اردنا ان نتقدم ان ندرك ان الماضى لايعود .. وان الامس لايتكرر .. وان رجالات الماضى لايمكن ان يعودوا كما كانوا بعد ان رحلوا عن دنيانا .. نعم من الممكن ان يكونوا مصابيح تنير لنا الطريق ونحن نسير صوب المستقبل .. ولا مانع من ان يوجد رجالات اخر الزمان الرجل منهم يزن سبعون من رجالات الماضى .. الم يقل النبى rنفسه ذلك عن رجال مؤمنون سوف يأتون فى اخر الزمان الواحد منهم بسبعين من صحابته .. حتى تعجب الصحابة وقالوا : سبعون منا ام منهم ؛ فقال النبى r لهم : بل سبعون منكم ؛ وبين النبى rلهم انهم يجدون على الخير اعوانا ؛ اما اخر الزمان فان القابض على دينه سوف يكون كالقابض على جمر من النار .. ان رجالات الماضى يمكن ان يكونوا رجالا تلهمنا وترشدنا نحو مسيرتنا الى المستقبل .. ولكن علينا نحن ان نضع الماضى فى خانه الماضى ؛ والحاضر فى خانه الحاضر ؛ والمستقبل فى مكانه .. لابد ان نستعيد الادراك ونفهم ان الماضى صنعته اجيال غيرنا .. وان الحاضر والمستقبل يمكن ان نصنعه نحن ونكون مسئولين عنه .. اذا فهمنا ان لنا دوراً فى البناء والعطاء وان علينا واجبات مثلهم .. ولا نغرق فى مستنقع العيش من اجل امجاد الماضى ..
صالح عينر