مادة (2)
تسري أحكام هذا القانون أيضا على الأشخاص الآتي ذكرهم :

أولا : كل من ارتكب
في خارج القطر فعلا يجعله فاعلا أو شريكا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري .

ثانيا : كل من ارتكب في خارج القطر جريمة من الجرائم الآتية :

أ‌) جناية مخلة بأمن الحكومة مما نص عليه في البابين الأول والثاني من الكتاب الثاني من هذا القانون .

ب‌) جناية تزوير مما نص عليه في المادة 206 من هذا القانون .

ج) جناية تقليد أو تزييف أو تزوير عملة ورقية أو معدنية مما نص عليه في المادة 202 أو جناية إدخال تلك العملة الورقية أو المعدنية المقلدة أو المزيفة أو المزورة الى مصر أو إخراجها منها أو حيازتها بقصد الترويج أو التعامل بها مما نص عليه في المادة 203 بشرط أن تكون العملة متداولة قانونا في مصر .

رأي الفقه :

بالتأمل في هذا النص يتضح أنه يقرر تطبيقا لمبدأ الاقليمية , ولكن سياق النص وخاصة لفظ " أيضا " الذي تضمنه , يحمل علي الاعتقاد بأن الشارع يريد به أن يضيف قاعدة جديدة الي مبدأ الاقليمية - الذي تناولناه في المادة الأولي - أي أن يقرر لقانون العقوبات نطاقا جديدا لا يعترف به ذلك المبدأ . ولبيان نصيب هذا الرأي من الصواب يتعين تحديد شروط تطبيق هذا النص ثم تحديد موضعه من ذلك المبدأ : أهو تطبيق له أم استثناء يرد عليه ؟

شروط تطبيق النص :

تفترض الفقرة الأولي من المادة الثانية من قانون العقوبات أن الجاني قد ارتكب فعلا في خارج الاقليم المصري , وأن هذا الفعل قد جعله فاعلا أو شريكا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في هذا الاقليم . ويعني ذلك أن الشرط الأساسي لتطبيق هذا النص هو وقوع الجريمة - كلها او جزء منها - في الاقليم المصري , والي جانب ذلك يتطلب النص شرطا ثانيا هو كون الفعل المسند الي المتهم والذي صار به فاعلا او شريكا في هذه الجريمة قد ارتكب خارج الاقليم المصري .

ومثال الحالة التي يرتكب فيها المتهم فعلا في الخارج يجعله فاعلا لجريمة وقعت كلها في مصر أن يرسل - وهو في الخارج - صندوقا به مواد متفجرة الي المجني عليه المقيم في مصر , فاذا تسلمه انفجر وقضي علي حياته . ومثال الحالة التي يرتكب فيها المتهم فعلا في الخارج يجعله شريكا في جريمة وقعت كلها في مصر أن يرسل - وهو في الخارج - كتابا الي زميل له مقيم في مصر يحرضه علي قتل ثالث فيرتكب الجريمة بناء علي ذلك التحريض . ومثال الحالة التي يرتكب فيها المتهم فعلا في الخارج يجعله فاعلا لجريمة وقعت بعضها في مصر أن يستعمل أساليبه الاحتيالية قبل المجني عليه
في الخارج ثم يستولي علي ماله عند وصوله الي الاقليم المصري . ومثال الحالة التي يرتكب المتهم فيها فعلا يجعله شريكا في جريمة وقعت بعضها في مصر أن يحرض - وهو في الخارج - زميلا في مصر علي اعطاء المجني عليه جرعة من سم بطئ الأثر فيفعل ذلك ثم يموت المجني عليه في اقليم دولة أجنبية سافر اليها بعد ان تناول السم .

ويتضح من الأمثلة السابقة أن الشارع لا يتطلب سوي الشرطين اللذين سبقت الاشارة اليهما : وقوع الجريمة كلها أو بعضها في الاقليم المصري وارتكاب الجاني فعله الذي صار به فاعلا لها او شريكا فيها خارج هذا الاقليم .
فإن لم يتوافر أحد هذين الشرطين فلا محل لتطبيق هذا النص ولو كان المتهم قد ارتكب في مصر فعلا صار به فاعلا لها أو شريكا فيها - اذ في هذه الحالة سيطبق نص المادة الاولي - واذا لم يرتكب الجاني فعلا خارج الاقليم المصري أي كان نشاطه الاجرامي كله داخل الاقليم , فجريمته تخضع للقانون المصري تطبيقا للمادة الاولي من قانون العقوبات لا تطبيقا لهذا النص . واقتصار الشارع علي الشرطين السابقين يعني أنه لا يتطلب كون الجاني مواطنا , فسواء جنسيته , ولا يتطلب كذلك كون فعله في الخارج معاقبا عليه طبقا لقانون الاقليم الذي ارتكبه فيه , وسواء في النهاية عودة الجاني وبقاؤه في الخارج .
د . محمود نجيب حسني - شرح قانون العقوبات - القسم العام ص 127 , 128

هل النص استثناء يرد علي مبدأ الاقليمية ؟

الواقع أنه لا يعد استثناء , فإذا ارتكبت الجريمة بكاملها في القطر المصري فلا شك في أن تطبيق مبدأ الاقليمة يعني خضوعها للقانون المصري , واذا لم يقع في الاقليم غير بعضها فإن تطبيق مبدأ الاقليمية يقود الي النتيجة نفسها . إذ أن الضابط في اعتبار الجريمة قد ارتكبت في الاقليم أن يتحقق فيه جزء - ولو يسير - من ركنها المادي فليس بشرط اذن أن يتحقق فيه بأكلمه , كما سبق وأسلفنا عند التعليق علي المادة الأولي بصدد تحديد مكان ارتكاب الجريمة , واوضحنا أنه المكان الذي يتحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن , باعتبار ان الركن المادي قائم علي عناصر ثلاثة : الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما , أي أن الجريمة تعد مرتكبه في مكان الفعل ومكان النتيجة وكل مكان تتحقق فيه الآثار المباشرة للفعل التي تتكون منها الحلقات السببية التي تصل ما بين الفعل والنتيجة .

ومن ناحية أخري فإن وجود المتهم في مصر او في الخارج حال ارتكاب الفعل لا شأن له بمبدأ الاقليمية , طالما أن الجريمة قد ارتكبت في الحالتين في الاقليم المصري . ولكن أهمية هذا النص تتبدي في توضيح واستبعاد الشك الذي قد يثور في الاذهان حول ما للقانون المصري من سلطان علي هذه الجرائم , وخاصة في اخضاع الحالة الواردة فيه للقيود التي تنص عليها المادة الرابعة من قانون العقوبات , وخاصة القيد الذي لا يجيز اقامة الدعوي الجنائية علي من " يثبت أن المحاكم الأجنبية قد برأته مما أسند اليه او انها حكمت عليه نهائيا واستوفي عقوبته " فهذه القيود تسري علي الجرائم المنصوص عليها في المادتين الثانية والثالثة من قانون العقوبات ولا تسري علي الجرائم التي تنص عليها المادة الأولي منه . ولسريان هذه القيود علي الجرائم التي تشير اليها الفقرة الأولي من المادة الثانية أهمية واضحة , اذ قد يكون الفعل الذي ارتكبه الجاني في الخارج معاقبا عليه طبقا لقانون الاقليم الذي ارتكبه فيه , وقد يحاكم من أجله ويبرأ أو يدان ويستوفي عقوبته , فيكون من العدالة ألا تقام الدعوي الجنائية ضده مرة ثانية في مصر .

ومؤدي ما سبق أن الفقرة الأولي من المادة الثانية تعد تطبيقا لمبدأ الاقليمية , ولكنها حالة خاصة لتطبيق القيود الواردة في المادة الرابعة , لان تطبيق المادة الثانية ليس من شروطها أن يكون الجاني مواطنا , ولا يتطلب كذلك كون فعله في الخارج معاقبا عليه طبقا لقانون الاقليم الذي ارتكبه فيه , كما لا يشترط عودة الجاني للأقليم المصري . ولكن اذا كان الفعل معاقبا عليه في الخارج - علي نحو ما اسلفنا - فيكون لزاما تطبيق قواعد العدالة وعدم اقامة الدعوي الجنائية ضده مرة أخري في مصر اذا ما عوقب او برئ بالخارج , وهذه هي النقطة الفنية التي تثيرها الفقرة الأولي من المادة الثانية . وسبب اسهابي في هذه النقطة أن احكام القضاء اعتبرت الفقرة الاولي من المادة الثانية استثناء .

الإستثناءات التي ترد علي مبدأ اقليمة النص الجنائي :

1 - اعضاء مجلس الشعب طبقا للمادة 98 من الدستور .
2 - رؤساء الدول الأجنبية , لكونهم يمثلون دولا ذات سيادة , فهم لا يخضعون للسيادة الاقليمية لدولة اجنبية يوجدون في اقليمها .
3 - رجال السلك السياسي والأجنبي , سواء تعلقت اعمالهم بالعمل الدبلوماسي أم لم تكن متعلقه به لذات العلة السابقة , ولكن بشرط ألا يحملوا جنسية الدولة التي يعملون في اقليمها .
4 - رجال القوات الأجنبية الذين يرابطون في اقليم الدولة
بترخيص منها , الا ان هذه الحصانة تتسع فقط للأفعال التي يرتكبونها أثناء أدائهم أعمالهم أو في داخل المناطق المخصصة لهم .

والواقع أن تعبير الاستثناء غير صحيح أو غير دقيق ,
فالتكييف الصحيح لهذه الحصانة أنها تقرر خروج بعض الافعال عن الولاية القضائية للدولة . وإلا لو قلنا أنها استثناء تكون افعالهم غير مؤثمة , ولا نستطيع ان نعاقب شخصا ساهم في الجريمة وكان من غير هؤلاء , كما لا يملك المواطن المعتدي عليه أن يمارس حق الدفاع الشرعي عن نفسه وماله . 

أحكـــام النقـــض :

§ من المقرر أن الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون العقوبات قد نصت
استثناء من قاعدة القانون على أن " تسري أحكام هذا القانون على كل من ارتكب خارج القطر فعلا يجعله فاعلا أو شريكا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري " ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى الى أن الاتفاق بين الطاعن والمتهم الثاني على مبلغ الرشوة قد امتد على أن يكون سداد الجزء الباقي من العطية بالدولار الأمريكي وقدره 7540 دولار في مصر ، ثم حضور المتهم الثاني الى مصر موضحا أن من أسباب حضور سداد ذلك المبلغ الباقي المتفق عليه ، فإن في ذلك ما يكفي لسريان قانون العقوبات المصري على الواقعة مادامت الجريمة التي ارتكبت وقع بعضها في مصر .
(الطعن رقم 201 لسنة 63ق جلسة 3/10/1995 السنة 46 ص1055)

§ لما كانت الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون العقوبات قد نصت -
استثناء من قاعدة القوانين الجنائية - على أن تسري أحكام هذا القانون على كل من ارتكب خارج القطر فعلا يجعله فاعلا أو شريكا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري ، فإن مفاد ذلك أن حكم هذه الفقرة ينصرف الى كل شخص سواء كان وطنيا أو أجنبيا ارتكب في الخارج فعلا يجعله فاعلا أ صليا أو شريكا في جريمة وقعت كلها أو بعضها داخل إقليم الدولة ـ ويتم الاشتراك بطريقة أو أكثر من طرق الاشتراك المنصوص عليها في القانون ، ويتحقق ولو كان الجاني أجنبيا مقيما في الخارج ولم يسبق له الحضور الى البلاد ، ولما كان ذلك فإنه لا محل لما تحاج به الطاعنة من أنها سورية الجنسية وأنه لم يسبق لها دخول البلاد قبل سوم ضبطها .
اتفاق الطاعنة خارج القطر مع مصريتين على تحريض بعض الفتيات المصريات على مغادرة البلاد وتسهيل سفرهن للاشتغال بالدعارة تحت ستار العمل بالملاهي الليلية التي تمتلكها الطاعنة في منروفيا بدولة ليبريا وقد مارستها بالفعل ، وأن عناصر تلك الجرائم قد توافرت في إقليم الدولة المصرية ، وأورد الحكم من الاعتبارات السائغة ما يبرر بها قضاءه بما ينم عن فهم سليم للواقع ، ومن ثم فإن النعى عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس .
 
(الطعن رقم 1239 لسنة 43ق جلسة 23/2/1974 السنة 25 ص169)

§ نصت الفقرة الأولى من من المادة الثانية من قانون العقوبات على أن هذا القانون تسري أحكامه على من يرتكب في خارج القطر المصري فعلا يجعله فاعلا أصليا أو شريكا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر ال مصري وهذا النص صريح الدلالة في أن القانون المصري هو وحده الواجب تطبيقه إذا كانت الجريمة التي ارتكبت وقع بعضها في مصر والبعض في بلدة أجنبية - لا فرق بين أن يكون ما ارتكبه الشخص في الخارج يجعله فاعلا أصليا أو شريكا في هذه الجريمة ، فلو أن شخصا في فيينا صدر لآخر في مصر مواد مخدرة للا تجار فيها فإن المقيم في فيينا يعتبر مرتكبا لجريمة الاتجار في المواد المخدرة مع المقيم في مصر وتصح محاكمته عن هذه الجريمة أمام المحاكم المصرية .
(نقض جلسة 4/12/1930 مج 32 عدد 127 ص271)

§ بمقتضى هذه المادة يمكن دائما معاقبة الذين
يشتركون وهم خارج القطر في جرائم تقع داخلة لكن لا تشمل هذه المادة من يشتر ك وهو داخل القطر في جريمة تقع خارج القطر لأن شرط العقاب أن تكون الجريمة الأصلية وقعت داخل القطر فالاشتراك في جريمة تقع خارجه لا يعاقب عليه في مصر إلا إذا كان الفعل وقع خارج القطر معاقبا في مصر .
(محكمة النقض والإبرام 22/12/1913 مجلة المجموعة الرسمية للمحاكم الأهلية 14 ع15)

حسني سالم المحامي