يا سادة يا كرام حكم قضائى صدر منذ أيام وتحديداً مساء الثلاثاء الماضى من محكمة القضاء الادارى قضى بوقف تنفيذ قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية باحالة ما سمى بقانون العزل الجديد إلى المحكمة الدستورية العليا – وهو القانون الذى وصفته بالفضيحة التشريعية التى ارتكبها مجلس الشعب المصرى والتى تولى كبرها النائب الهمام عصام سلطان ومعه المستشار الكبير ذو الرأى غير الرشيد محمود الخضيرى والذى خطب خطبة عصماء اثناء مناقشة القانون صفق لها الأعضاء معترفاً فيها أنه يوقن أن التعديل مخالف للدستور ومع ذلك يبرر اصداره بتبريرات جعلتنى أشك أن الرجل كان نائباً لرئيس محكمة النقض فى يوم من الأيام !!
والقصة كما تعلمون أن القرار المقضى بوقف تنفيذه كانت قد اصدرته اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فى التظلم الذى قدمه الفريق أحمد شفيق طعناً على قرار استبعاده من سباق الانتخابات الرئاسية بعد سبق قبول أوراقه وإعلانه مرشحاً وذلك تطبيقاً للقانون الفضيحة المشار إليه وحال نظرها دفع المرشح أمامها بعدم دستورية هذا القانون الذى استبعد نفاذاً لأحكامه لأوجه عددها دفاعه أمام اللجنة - كما نعلم جميعاً - نظرت اللجنة التظلم ثم اصدرت قراراها الحكيم العادل بقبول تظلمه شكلاً وفى موضوعه بوقف تنفيذ قرار استبعاده مؤقتاً من سباق الرئاسة واسست المحكمة قرارها على أنها حال نظرها للتظلم تعد هيئة قضائية وقد تراءى لها على وجود شبهة عدم دستورية فى القانون المشار اليها وهو التعديل المدخل على نص المادة الثالثة من قانون مباشرة الحقوق السياسية المطبق على حالة المتظلم وعليه كان قرارها السابق مع احالة الطعن بعدم الدستورية للمحكمة الدستورية العليا للبت فيه
وأقام زميل لنا وصديق هو الأستاذ شحاتة محمد شحاتة طعناً على هذا القرار أمام محكمة القضاء الادارى بالقاهرة ومساء يوم الثلاثاء الماضى بعد منتصف الليل - وكانت أول جلسة لنظر الدعوى !! - أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار بما يترتب على ذلك من آثار وأسست قضاءها بحسب الحيثيات التى نشرتها الصحف على القول بأن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية - مصدرة القرار - هى فى طبيعتها القانونية لجنة ادارية وليست لجنة هيئة ذات اختصاص قضائى وما يصدر عنها بما فيها القرار المطعون فيه يعد قراراً ادارياً خاضع لرقابة القضاء الادارى وأن اللجنة قد جاوزت سلطاتها واختصاصاتها مستغلة نص المادة 28 من الاعلان الدستورى إذ انها لا هى محكمة ولا هى هيئة ذات اختصاص قضائى يجوز لها طبقاً لنص المادة 29 فى قانون المحكمة الدستورية العليا التصدى للقول بوجود شبهة عدم دستورية فى قانون ومن ثم الاحالة للمحكمة الدستورية العليا وعلى سند مما ذكر أصدرت حكمها المتقدم
ومنذ قراءتى لحيثيات هذا الحكم وقد أصابتنى صدمة كدت على أثرها أن أشد فى شعرى غيظاً وكمداً من حالة الفوضى فى كل شيئ التى أصابتنا حتى فى الأحكام القضائية وسبب ما أصابنى أنه حقاً وصدقاً ويقيناً بكل أوجه تفسير النصوص الدستورية والقانونية وبالطريقة العلمية والعقلية المنطقية المعتبرة أن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية هى بحسب النص الدستورى الحاكم لها والمحدد لطبيعتها القانونية وتشكيلها واختصاصاتها حال نظرها لتظلمات المرشحين لا شك هى هيئة ذات اختصاص قضائى تملك طبقاً لنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا سلطة الاحالة إلى المحكمة الدستورية العليا إذا تراءى لها أن النص القانونى الواجب تطبيقه للفصل فى التظلم المعروض عليها والمطلوب منها الفصل فيه بقرار نهائى بات غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة فيه شبهة عدم دستورية وأن قرارها فى هذا الشأن وعلى خلاف ما ذهب إليه حكم محكمة القضاء الادارى صحيح وقانونى مائة بالمائة والقول بغير ذلك هو العبث بعينه يتضح ذلك مما يلى :
أولاً : بمطالعة نص المادة 28 من الاعلان الدستورى نجد أنه ينص على الأتى :
" تتولى لجنة قضائية عليا تسمى " لجنة الانتخابات الرئاسية " الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب.
وتـُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً ،وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة ،وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولـة.
وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنـة.
وتـُشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التي تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين في المادة 39
ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستـور.
وتـُصـدر المحكمة الدستورية العليا قرارها في هذا الشأن خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون، وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزماً للكافة ولجميع سلطات الدولة، ويُنشـر في الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره."

ويتضح من صريح هذا النص الدستورى الحاكم الأساسى لهذه اللجنة أنه قد استهل عباراته بوصف حدد طبيعتها القانونية بصورة قاطعة الدلالة تقول " تتولى لجنة قضائية عليا " ولم يقل (لجنة ادارية مشكلة من قضاة ) ولذلك قطعاً له دلالته فى بيان قصد المشرع فى تكييف طبيعتها القانونية على أنها لا شك هيئة لها اختصاص قضائى يتضح ذلك بمقارنة هذا الوصف بالوصف الوارد بالمادة 39 من الاعلان الدستوري فى تعريفه للجنة الانتخابات البرلمانية إذ عرفها بقوله النص بقوله " وتتولى لجنة عليا ذات تشكيل قضائي كامل الإشراف على الانتخاب والاستفتاء، بدءاً من القيد بجداول الانتخاب وحتى إعلان النتيجة، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون ويجرى الاقتراع والفرز تحت إشراف أعضاء من هيئات قضائية ترشحهم مجالسها العليا، ويصدر باختيارهم قرار من اللجنة العليا."
وتعلمنا أن المشرع - خاصة الدستورى - منزه عن اللغو فاذا كانت هذه المغايرة فى تعريف ووصف كل من اللجنتين بوصفين مختلفين دل ذلك قطعاً على أن لذلك معنى ومدلول واضح أراده على بيان قصده  فى التفرقة بين الطبيعة القانونية لكل لجنة بصورة تقطع فى أن الأولى هيئة ذات اختصاص قضائى مشكلة من قضاة فى اعلى المناصب القضائية والثانية لجنة ادارية مشكلة من قضاة
ثانياً : ولو فرضنا جدلاً والجدل خلاف الحقيقة والواقع أن المشرع الدستورى كان يلغو ويعبث ويهزر معنا ولم يكن قاصدا بعبارة " لجنة قضائية عليا " فى تعريف لجنة الانتخابات الرئاسية إلا التشكيل من قضاة ولا يغير ذلك من كونها لجنة ادارية كما يحلو للبعض أن يقول !!! فالفيصل فى ذلك الرجوع إلى اختصاص تلك اللجنة لنتعرف هل ينطبق عليها وصف الهيئة ذات الاختصاص القضائى من عدمه وبالرجوع إلى نص المادة الثامنة من قانون انتخاب رئيس الجمهورية رقم 174 لسنة 2005 وجدناه نجده عدد تلك الاختصاصات فيما يلى :
" 1- الإشراف علي قاعدة بيانات الناخبين والقيد فيها وتعديلها .
2- إعلان فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية .
3- وضع الإجراءات اللازمة للتقدم للترشيح لرئاسة الجمهورية والإشراف علي تنفيذها .
4- تلقي طلبات الترشيح لرئاسة الجمهورية وفحصها والتحقق من توافر الشروط في المتقدمين للترشيح
5- إعداد القائمة النهائية للمرشحين وإعلانها .
6- إعلان ميعاد وإجراءات التنازل عن الترشيح .
7- تحديد تاريخ بدء الحملة الانتخابية ونهايتها .
8- التحقق من تطبيق القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية المنصوص عليها في القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه ، ومن تطبيق المساواة بين المرشحين في استخدام وسائل الإعلام المسموعة والمرئية المملوكة للدولة لأغراض الدعاية الانتخابية واتخاذ ما تراه من تدابير عند مخالفتها .
9- وضع قواعد وإجراءات اقتراع المصريين المقيمين خارج مصر في انتخابات رئاسة الجمهورية .
10- الإشراف العام علي إجراءات الاقتراع والفرز بمندوبين للجنة من أعضاء الهيئات القضائية .
11- البت في جميع المسائل التي تعرض عليها من اللجان العامة لانتخاب رئيس الجمهورية .
12- تلقي النتائج المجمعة للانتخابات ، وتحديد نتيجة الانتخاب وإعلانها .
13- الفصل في جميع التظلمات والطعون المتعلقة بالانتخاب .
14- الفصل في جميع المسائل المتعلقة باختصاص اللجنة ، بما في ذلك تنازع الاختصاص ، وكذلك الاختصاصات الأخرى التي ينص عليها القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه .
ولها أن تضع من القواعد ما تقتضيه ظروف اختصاصاتها وطبيعته. "

والنص لكل ذى عينين يرى قد عدد اختصاصات لا شك أن جميعها ادارية محضة عدا الواردة فى البندين 13 ، 14 فهى اختصاصات قضائية لا شك فى ذلك وهى ولاية الفصل فى الطعون والتظلمات وتحديد اختصاصاتها ومسائل الاختصاص بقرارات نهاية باتة لا تقبل الطعن أمام أية جهة
يتضح ذلك أيضاً من مقارنة تلك الاختصاصات بالاختصاصات الموكولة للجنة الانتخابات البرلمانية والتى لا خلاف طبقاً للنصوص الحاكمة لها على أنها ادارية وقراراتها كلها ادارية فاختصاصاتها طبقاً لنص المادة الثالثة مكرر (و) من القانون رقم (46) لسنة 2011 لمباشرة الحقوق السياسية المعدلة بالمرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2011 الذى حددها فيما يلى :
أولا : تشكيل اللجان العامة للانتخابات ولجان الاقتراع والفرز المنصوص عليها فى هذا المرسوم بقانون وتعيين أمين لكل لجنة.
ثانيا : الإشراف على إعداد جداول الانتخابات من واقع بيانات الرقم القومي ومحتوياتها وطريقة مراجعتها وتنقيتها وتحديثها والإشراف على القيد بها وتصحيحها.
ثالثا : وضع وتطبيق نظام للرموز الانتخابية بالنسبة لمرشحي الأحزاب السياسية والمستقلين.
رابعا : تلقى البلاغات والشكاوى المتعلقة بالعملية الانتخابية والتحقق من صحتها وإزالة أسبابها.
خامسا : وضع القواعد المنظمة لمشاركة منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية فى متابعة كافة العمليات الانتخابية.
سادسا: وضع القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية بمراعاة أحكام المادة (4) من الإعلان الدستوري والمادة الحادية عشر من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب على أن تتضمن هذه القواعد حظر استخدام شعارات أو رموز أو القيام بأنشطة للدعاية الانتخابية ذات الطابع الديني أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل.
سابعا: وضع قواعد توزيع الوقت المتاح خاصة فى أوقات الذروة للبث التلفزيوني والإذاعي بغرض الدعاية الانتخابية فى أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة على أساس المساواة التامة.
ثامنا: إعلان النتيجة العامة للانتخابات والاستفتاء.
تاسعا: تحديد مواعيد الانتخابات التكميلية.
عاشر : إبداء الرأي فى مشروعات القوانين المتعلقة بالانتخابات .

وثابت أنه ليس منها الفصل فى الطعون والتظلمات ولا مسائل الاختصاص ولا أى اختصاص آخر يمكن أن يوصف بأنه قضائى وهو ما يتواءم ويتناسب قطعاً مع التكييف القانونى للجنة الذى أراده المشرع بأنها لجنة ادارية مشكلة من قضاة تصدر قرارات ادارية ومفتوح الطعن على قراراتها أمام القضاء بطبيعة الحال – وليس لجنة قضائية عليا كلجنة الانتخابات الرئاسية وكما تعلمنا أن المشرع منزه عن اللغو فهل بعد ذلك يمكننا القول أن لجنة الانتخابات الرئاسية فى نظرها للتظلمات تمارس عملاً ادارياً وما يصدر عنها من قرارات هى قرارات ادارية وليست قضائية ؟؟!!
ثم ماذا يا سادة يا كرام هل يعقل أن يقصد المشرع الدستورى أن تعطى هذه الاختصاصات للجنة ويحصن قراراتها من الطعن ثم يطلب منها أن تطبق قانوناً على أحد المرشحين تستبعده على أساسه وقد وقر قى يقينها أنه غير دستورى بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى يحرمه من حق دستورى له ومغلق أمامه الطعن على قرارها بثمة مطعن أى عدل هذا وأى قانون وأى منطق معوج ؟!
أجيبونى يأ أصحاب العقول أو اسمحوا لى أن أشد فى شعرى غيظاً مما آل اليه حالنا من فوضى طالت كل شيئ حتى الأحكام القضائية