اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
محمد راضى مسعود
التاريخ
4/23/2009 6:57:47 PM
  عبد الغفار محمد القاضى وقضية مقتل السادات      

-لمستشار عبد الغفار محمد هو علامة مضيئة في تاريخ القضاء  المصري الحديث.. ويعتبره كل من عرف تاريخه في القضاء بأنه أعظم قاض في تاريخ مصر كلها.. ومواقفه أثناء نظر القضية لا يستطيع أي قاض اليوم أن يقوم بشئ منها.

- أما علمه وسعة إطلاعه وإلمامه بكل ما يتصل بالقضية إلماماً عظيماً لم يحدث من قبل.. ولا أظنه أن يحدث بعد ذلك.. فبرغم سنه وضعف نظره إلا أنه كان يحفظ موقف كل واحد في القضية عن ظهر قلب.. رغم أنها أكبر قضية سياسية في تاريخ مصر.. إذ بلغ عدد المتهمين فيها 302 متهم.. وقد عنف بعض المحاميين الذين أتوا للمرافعة أمامه دون أن يقرأوا جيداً ملف المتهم الذي يدافعون عنه.

- وإذا تركنا المواقف وجئنا إلي الأحكام فالمحامون كانوا يتوقعون أن يتم إعدام20 علي الأقل.. والدولة جهزت عربات خاصة للإعدام بعد الحكم تسع 55متهماً.

- ولكن هذا الرجل العظيم لم يلوث يديه الطاهرتين بدماء أحد من الإخوة.. بل أنه برأ قرابة 240 متهماً.. وقضى بالسجن فقط علي 77 متهماً.. مما جعل الأهالي يخرجون في مظاهرات صاخبة فرحة بجوار المحكمة.. وبعضهم يهتف.. وبعضهم يبكي فرحاً.. وبعضهم لا يدري ماذا يفعل من شدة الفرحة..وكلهم سارع بالاتصال ببقية الأهل والأقارب لطمأنتهم.

- أما عن الحيثيات التي أصدرها فهي أعظم حيثيات كتبها قاض في التاريخ الحديث كله.. فهذه الحيثيات في ذاتها كانت أعظم من الحكم نفسه.

- فقد أشار فيها إلي أن الشريعة الإسلامية غير مطبقة في مصر.. وطالب بتطبيقها.

- كما أشار فيها إلي إجابة عن سؤال هام.. حيث قال قد يسأل البعض لماذا لم أحكم بالشريعة الإسلامية في هذه القضية؟

- فقال كلمة بليغة جداً: لأنني في حكم المكره شرعاً والملزم قانوناً.

- والحقيقة أن الجميع وقتها كان يعلم يقيناً أن المستشار عبد الغفار لو ترك القضية لغيره لنكل بهؤلاء المتهمين تنكيلا.. وكل أوراق القضية تساعده علي ذلك.

- ولعل في هذا درساً بليغاً في فقه الموازنات.. وفقه المصالح والمفاسد الذي تحتاج إليه الحركة الإسلامية اليوم أكثر من ذي قبل.

- إن هذه الحيثيات يحتاج الحديث عنها إلي كتاب مفصل ولو مد الله في عمري لكتبت عنها كثيراً.

- أما الأغرب والأعجب في قصة المستشار عبد الغفار معنا هو أنه من القضاة القلائل في التاريخ الذين أحبهم من سجنهم لربع قرن كامل.

- لقد عرفنا فضل هذا الرجل وقيمته وحلمه وعلمه وتجرده وعدله.. فكنا ندعو له باستمرار.. وهذه يندر أن تجدها اليوم في الحركة الإسلامية.. ولكنه شئ يتفرد به هذا الجيل من أبناء الجماعة الإسلامية الذين تميزوا بشئ هام.. وهو الوفاء لمن أسدى لهم معروفاً.. ومعرفة الفضل لأهله.. وتقدير مواقف الناس تقديراً صحيحاً.

- وأذكر أن أحد المحامين الإسلاميين جاء لزيارتنا في السجن بعد الأحكام.. فقلنا له:

- سلم لنا على المستشار عبد الغفار وقل له: إننا ندعو له.

- وكان المستشار وقتها قد تقاعد من القضاء وعمل بالمحاماة.

- فقال: كيف تحبون وتدعون لرجل جعلكم تمكثون كل حياتكم وشبابكم في السجن.. من المفروض أن تبغضوه.

- فقلنا له: لو أحدنا كان مكانه لما استطاع أن يفعل كل ما فعل هذا المستشار العظيم.. فعجب هذا المحامي جداً.

- وأنا أقول: إن الجماعة الإسلامية تفعل ذلك ومازالت تفعله لوجه الله.. وهي تثني إلى اليوم صادقة على هذا المستشار العظيم في وقت لا يملك فيه من حطام الدنيا شيئاً.

- واليوم سنجعل هذا الجزء من حورانا مع أ. يوسف صقر المحامي حول صديق عمره المستشار عبد الغفار.. و أ. يوسف صقر كما عرفته بتميز بالوفاء لأصدقائه وأحبائه وقد ارتبط كل منها بالآخر طوال مسيرة تمتد إلى 28عاماً.

- والآن إلى هذا الجزء من الحوار...

- تعرفت على المستشار عبد الغفار محمد الذي نعتبره جميعا من أعظم قضاة مصر.. ثم توطدت العلاقة بينكما إلى صداقة عميقة وخاصة بعد تقاعده.. فما هي بداية تعرفك عليه؟

الأستاذ يوسف صقر مع المستشار عبد الغفار

- كانت بداية تعرفي الحقيقي عليه بعد أن بدأت أكبر قضية  في تاريخ مصر كلها.. والتي أسميت وقتها قضية الجهاد الكبرى.. وكان رئيس المحكمة وقتها المستشار عبد الغفار محمد ولم أكن أعرفه من قبل.. وكانت المحكمة وقتها تخضع لحراسة مشدده جداً.

- وفى يوم من الأيام حضرت أنا والأستاذ. إبراهيم خليفة المحامى.. وحدثت مشادة بين الأستاذ. إبراهيم وحراسة المحكمة.. وألقوا كارنيه المحاماة على الأرض.. وحدثت مشادة كبيرة بيننا على إثر ذلك.. وشعرت وقتها أنهم سيقبضون علينا فذهبت إلى محكمة شمال القاهرة وأحضرت 15 محامياً ليعضد بعضنا بعضا في هذا الموقف.

- وفى هذه اللحظة حضر المستشار عبد الغفار ومعه طاقم حراسته.. فشكونا له الأمر.. فقام بالصلح بيننا.. ولكن ضباط حرس المحكمة قالوا:

- لابد من القبض على يوسف صقر لأن الأوامر جاءت بذلك.. فغضب المستشار عبد الغفار غضبا شديداً.. ونادي اللواء. رئيس حرم المحكمة.. وزجره زجراً شديداً وقال له بصوت عال: أنا هنا المسئول وحدي عن المحكمة.. وأنت يا أستاذ يوسف جزء من المحكمة.. وإهانة يوسف صقر هي إهانة للمحكمة.. ولن يذهب إلى أي مكان.. ثم كتب في محضر الجلسات تأشيرة بإمضائه بأن تحقق النيابة في واقعة الاعتداء علينا كمحامين.. ولا يجرؤ أي قاض اليوم أن يفعل ذلك..

- ومن ذلك اليوم شعرت أن المستشار عبد الغفار ليس ككل القضاة.. ولكنه قاضٍ له هيبة ومكانة وشخصية ورجولة.

- وبعد ذلك في القضية عرفت أنه من أعلم القضاة بالقضاء والقانون.. وعرفت أنه درس القضية جيداً.. وكان أعرف الناس بها.. وكان يعرف موقف كل واحد فيها.

- وماذا عن المواقف الأخرى التي أعجبتك في شخصية المستشار عبد الغفار محمد.. وجعلته بعد ذلك من أخلص أصدقائك؟

- المستشار عبد الغفار محمد فعل أشياء لم يستطيع أي قاض في تاريخ مصر الحديث كله أن يفعلها.. فهو الوحيد في تاريخ القضاء المصري في القضايا السياسية الكبرى الذي يفتح باب المرافعة مرة أخرى بعد أن أغلقها.

- وهذه القصة عشتها بنفسي من بدايتها فقد اكتشفنا أن بعض المتهمين من الإخوة لم يتم الترافع عنهم في شق الوقائع الخاصة بهم.. وتم الترافع عنهم فقط في الشق العام فذهبت مع مجموعة من المحامين وكان على رأسهم الأستاذ. شمس الدين الشناوي والأستاذ. محمد المسماري وكيل النقابة وقتها رحمهما الله إلى المستشار عبد الغفار محمد وكان يجلس معه المستشار جمال فؤاد وعرضنا عليهما المشكلة.

- فقال المستشار عبد الغفار مازحا: يا جمال ده فيه ناس تراقبنا في المحكمة.

- فقلت له: لا.. يا سيادة المستشار نحن نساعدك فقط للوصول إلى الحق.

- فقال المستشار عبد الغفار: أنا موافق على فتح باب المرافعة من جديد.. انتدبوا أى محامين ليكملوا المرافعات.. وفتح باب المرافعة والدفاع من جديد مرة أخرى بعد إغلاقه.. وكنا قد جمعنا من قبل خمسين أخاً لم يتم الترافع عنهم في شق الوقائع ومنهم الشيخ. طارق الزمر.

- وكان هذا من أعظم مواقف المستشار عبد الغفار في هذه القضية.                  

- سمعت أن المستشار عبد الغفار كان زاهداً نظيف اليد.. حتى أنه كان مستشاراً بالاستئناف وكان يركب المواصلات العامة.. وكانت أسوأ بكثير مما هي عليه الآن.. وأسوأ من الميكروباص بكثير.. فهل هذا صحيح؟

- نعم.. لقد كان في قمة الزهد ونظافة اليد.. ولو أراد الدنيا كلها لركعت تحت قدميه ولكن رفضها وحكم ضميره وحده.

- لقد كان من أعظم القضاة حقاً.. حتى أنه بعد تقاعده من القضاء وعمله بالمحاماة قبل أن يحدث له انفصال شبكي كامل.. لم يكن يملك مكتباًً للمحاماة يمارس فيه مهنته.. رغم أنه خرج للمعاش بدرجة وزير.. بعد أن وصل إلي أعلي درجات السلم القضائي في الاستئناف.. وحتى أنه بني بيته البسيط الذي يعيش فيه الآن بقرض.

- وهو الآن يعيش حياة بسيطة للغاية.. وله ابن مهندس حاصل علي ماجستير هندسة معمارية ولا يجد عملاً له في مصر.

- هذا رجل باع الدنيا كلها من أجل مبادئه ومن أجل إحقاق الحق.

- بمناسبة الانفصال الشبكي.. لقد حدث له ذلك أثناء نظر القضية وسافر للعلاج في لندن.. ثم عاد مرة أخرى.. ألا تذكر ذلك؟

- نعم أذكره.. فقد أصيب بانفصال شبكي حاد أثناء نظر القضية نظراًًَ للإجهاد الفظيع من كثرة القراءة في ملف القضية.. الذي تجاوزت أوراقه أكثر من ثلاثين ألف صفحة وكان يحفظها عن ظهر قلب.

- وكذلك لإرهاقه في جلسات القضية الذي تجاوزت عدد جلساتها مئات الجلسات.. وكانت بعض الجلسات تستغرق تسع ساعات كاملة.

- وقد مكث في لندن للعلاج عدة أشهر..وأظن أن هذه الفترة كان لها تأثير خاص في شعوره بما يعانيه د. عمر عبد الرحمن بالذات في السجن مع كف بصره.

- هل يمكنكم أن تلخص شخصية المستشار عبد الغفار محمد للقراء في كلمات؟

- لن تعرف الأجيال الجديدة قدر هذا القاضي العظيم إلا إذا علمت أن هذه القضية كان فيها 302 متهم.. وكانت النيابة تطالب بإعدام 300متهم.. وكانت أكبر قضية في تاريخ مصر كلها.

- وكان الجميع يتوقع إعدام 50 متهماً علي الأقل.. وأن يتم سلق القضية في عام أو أقل قليلاً.. ولكن القضية استمرت أربع سنوات كاملة.

- وتمت المرافعة فيها بأمانة وحرفية عن كل واحد فيها.. وكان جميع الأهالي والمحاميين يحضرون كل الجلسات.

- وهو القاضي الوحيد الذي قرأ كل حرف عن القضية.. وكان يصحح لأي محامي يُخطئ وهو يترافع عن شخص واحد.. فالمحامي لا يعرف موقفه جيداً.. ولكن المستشار عبد الغفار كان يعرف الموقف القانوني لكل واحد منهم.

- وفي ختام القضية أصدر أحكاماً تاريخية لم تحدث ولن تحدث.. فقد قضى ببراءة 240 متهماً وأحكام بالسجن مختلفة لـ77متهماً.. ولم يحكم بالإعدام علي أحد علي الإطلاق.

- الخلاصة أن المستشار عبد الغفار يساوي في كلمات بسيطة الكفاءة المهنية والأمانة معاً.. وهو قاض نادر الوجود باع الدنيا كلها.. واتقى الله في حكمه.. ولو أراد أن يكون وزيراً لأصبح كذلك بسهولة.

- رغم هذا الزهد فإن الله أكرمه بأن وصل إلي أعلي درجات السلم القضائي بكفاءته ونزاهته وكان أخر منصب تولاه هو رئيس محاكم استئناف القاهرة.

- أظن أن حكمه هو الحكم الوحيد الذي خرجت مظاهرات في الشوارع من الإخوة والمحاميين تؤيده وتشيد به؟

- نعم.. فلأول مرة في تاريخ مصر الحديث تخرج مظاهرة ضخمة في الشوارع بعد النطق بالحكم يشارك فيها الإخوة.. والمحامون.. والأهالي فرحاًً بهذا الحكم.. وقد كان علي رأس هذه المظاهرة الشيخ محمد شوقي الإسلامبولي.

- وقد نشرت مجلة المصدر صور هذه المظاهرة.. وعندي هذه الصور إلي الآن.

- لقد كانت فرحة لا مثيل لها.. لقد اهتزت أقفاص المتهمين فرحاً وسروراً وامتلأت قاعة المحكمة بالزغاريد والهتافات.. لقد كان يوماً مشهوداً من أيام الله سبحانه وتعالي.

- وقد كان من آثار هذا الحكم العظيم إلغاء قضية الانتماء تماماً والإفراج عنهم جميعاً وكان عددهم 700 متهم.. فكان المستشار عبد الغفار سبباً في الإفراج عن ألف مسلم.

- وقد كان المستشار عبد الغفار مع حسمه وقوته وشجاعته حليماً مع المتهمين.. وكان يستمع إليهم دائماً.

المستشار هشام عبد الغافار مع كلاً من أ. يوسف صقر و د. ناجح ابراهيم والشيخ أسامة حافظ
- المستشار عبد الغفار أفسح صدره للجميع.. استمع إلى المحامين جميعاً صغيرهم قبل كبيرهم واحترمهم جميعاً.. واستمع إلى الإخوة من داخل الأقفاص.. وكان يسمح للإخوة المتهمين أن يقولوا كلمة عن الإسلام كل يوم.. وهذه الكلمات كلها موجودة في ملف القضية.. فكان الدكتور عمر يتحدث أحياناً أو الشيخ عبود الزمر.. أو الشيخ كرم زهدي.. أو د. ناجح إبراهيم.. أو د. أيمن الظواهري.. أو د. طارق الزمر.. أو الشيخ أسامة حافظ.. وأحياناً د. أيمن الظواهري كان يترجم بالانجليزية أو يتحدث بها للمراسلين الأجانب.. كما أن المستشار عبد الغفار كان يسمح للأهالي باستمرار الحضور.

- بل كان يسمح للمتهمين بالزيارة في مكان خصص لذلك لأن المحكمة وقتها كانت في أرض المعارض بمدينة نصر.. وقد بنيت قاعة خاصة بهذه المحكمة فقط.. وكان فيها 16 قفصاً كبيراً.. كل قفص منها كان يسع قرابة 12 متهماً.. وكان في كل قفص ميكرفون يتحدث فيه أي متهم للمحكمة حينما تسمح له بذلك.. وكانت هناك ميكروفونات عند منصة القضاة.. وميكروفونات للمحامين.. وكان فيها أماكن للمحامين.. والأهالي.

- كما أن المستشار عبد الغفار هو القاضي الأول في مصر الذي يسمح لأحد المتهمين وقتها وهو د. عمر عبد الرحمن للدفاع عن نفسه في ثلاث جلسات كاملة تحدث فيها د.عمر حديثاً من القلب أبكى الجميع.

- وهذه المرافعة الرائعة موجودة في كتابه "كلمة حق".. وأظن أن هذه الكلمات بالذات كان لها أكبر الأثر على المستشار عبد الغفار وزميليه المستشار جمال فؤاد والمستشار إبراهيم عبد السلام.

- وهذه المرافعة لم تؤثر في هيئة المحكمة فقط.. ولكنها أثرت أيضاً في كل المحامين من جميع الاتجاهات الذين حرصوا على حضورها.

- وهذه المرافعة بالذات غيرت فكر الكثيرين منهم من معاداة للتيار الإسلامي إلى موالاة للعمل الإسلامي.. وحب للإسلام.. وبعضهم بعد ذلك ترك التيار الاشتراكي أو الليبرالي أو اليساري ليكون بعد ذلك من أبناء التيار الإسلامي.

- ومن مفارقات القدر أن الدكتور عمر عبد الرحمن دخل في خمس قضايا في قرابة عشر سنوات ولكنه برأ منها جميعاًً..

- هل يمكن أن تُذَكّر القراء ببعض كلماتها المؤثرة؟

- نعم. فقد كانت فيها كلمات خالدة جميلة منها : "سيادة المستشار: إن الله يمنعك من الحكومة ولكن الحكومة لا تمنعك  من الله"

- وقوله له: "إذا حدّثك وزير العدل علي المسرة (أي التليفون) فلا تستجيب له"

- وقوله كذلك: "يا سيادة القاضي المستشار اتقي الله فإنك غد اً توشك أن تؤخذ من سرير قصرك إلى قبرك"

- ولكن ما هي قصة حديث وزير العدل للمستشار في التليفون؟

- هذه قصة مشهورة معروفة ولا يجرؤ عليها سوي أمثال المستشار عبد الغفار.. فقد قيل له هناك تليفون هام لسعادتك ، فلما علم أنه وزير العدل الذي يحدثه أغلق التليفون وقال : لا يجوز لوزير العدل أن يحدث قاضٍ ينظر قضية عن هذه القضية.. وهذه القصة عرفها الجميع أثناء المحكمة، ولذلك اطمأن الجميع إلي هيئة المحكمة حتى قبل الحكم.

- ويمكنني القول وأنا اليوم في الثمانين من عمري أنه ليس هناك أشرف ولا أنظف من هؤلاء المستشارين الثلاثة: (م. عبد الغفار و م. جمال فؤاد.. و م. إبراهيم عبد السلام).

- هؤلاء أدوا واجبهم أمام الله وراقبوا الحساب عند الله قبل أن يراعوا أي حسابات دنيوية أخرى.

- وما هي الحالة الصحية الآن للمستشار عبد الغفار محمد؟

- المستشار عبد الغفار يعيش وحيداً الآن مع ابنه المهندس في منزله المتواضع.. وآخر مرة تحدثت إليه فيها قال لي: "سلم لي على الشيخ عبود وقل له: إنني لم أظلمك.. ولم أظلم أي أحد"

- قلت للأستاذ يوسف صقر: أرجو أن أسلم على سعادة المستشار فسلمت عليه في التليفون.. وقلت له: "كلنا ندعو لك دائماً.. ونذكرك بكل خير ونذكر إنصافك وحلمك وأنك كنت أفضل قاض رأته الحركة الإسلامية في مصر.

- فقال لي: يا ناجح أنا أديت واجبي على أكمل وجه.. وأرجو أن ألقى الله وهو راض عني.. كما أرجو أن يحسن خاتمتي.. وقال لي: سلم لي على كل الإخوة بغير استثناء.. واطمأننت منه على صحته.

- وقلت له: أنت القاضي الوحيد في العالم كله تقريباً الذي يحكم على أشخاص بالسجن ولكنهم يحبونه ويدعون له من كل قلوبهم.. وكلنا بلا استثناء يفعل ذلك.. فقال لي: هذه من الله وحده.

- ثم عاودت الحوار مع محدثي أ. يوسف صقر.. وقلت له: ما هي أمنية المستشار عبد الغفار اليوم؟

- قال أمنيته الدينية التي يرددها باستمرار هي أن يحسن الله خاتمتي وأن يسترني في الدنيا والآخرة.. كما أنه يقول لي دائماً: اتصل بي يا يوسف حتى بالتليفون مرة أسبوعياً.

- أما أمنيته الدنيوية الوحيدة الآن هي أن يجد ابنه المهندس المعماري عملاً في مصر.. لأنه يعيش معه ولا يستغنى عنه.. ولا يريد منه السفر للخارج في هذه الفترة الحرجة من عمره.

- قلت له: سبحان الله هذه أمنية بسيطة لأعظم قاضي في مصر لا يجد ابنه المهندس الحاصل على ماجستير في الهندسة المعمارية عملاً داخل وطنه؟

- هكذا الحياة.. وهكذا الدنيا تصنع بالشرفاء من الناس.

- وماذا عن المستشار جمال فؤاد؟

- لقد كان رجلاً بل أسداً بمعنى الكلمة.. وما كان المستشار عبد الغفار أن يصنع ما صنع في القضية لولا هذا الرجل الذي آزره ودعمه وسانده.. وهو صاحب اليد الطولي في صياغة أعظم حيثيات لقضيته في تاريخ مصر.

-ً

- وماذا تقول عن هذه القضية بعد مرور قرابة 28 عاما عليها؟

- هذه القضية كانت أكبر قضية سياسية في تاريخ مصر الحديث.. وكان فيها أعظم قضاة في تاريخ مصر القضائي.. وكان فيها أعظم وأكفأ محاميين من كل التيارات توحدوا جميعاً مخلصين في هذه القضية.. وكان الإخوة فيها كذلك من أفضل أبناء الحركة الإسلامية وأحسنهم .. وكل من كان في هذه القضية كان علي مستوى المسئولية.

- وكان هناك إخلاص من الجميع ليس له حدود.. ولا أظنه سيتكرر مرة أخرى بعد ذلك.

- وهذه القضية أعتبرها بداية انتشار قوية للحركة الإسلامية بين أوساط المحاميين والقضاة.

- هل تريد أن تضيف شيئاً عن المستشار عبد الغفار محمد؟

- المستشار عبد الغفار كان من أوائل رؤساء المحاكم الذين كانوا يبدءون الجلسات بكلمة "بسم الله الرحمن الرحيم".. ولم يكن مثل غيره سابقاً يقول "باسم الشعب " كما درج القضاة في عهد عبد الناصر وفي الستينات خاصة.

- وأذكر أنني كنت حليقاً أثناء هذه القضية.. وكان هناك محامي يساري يتحدث مع آخر ناصري.. ولا داعي لذكر الأسماء.. وكان الأول متعصباً وكان الثاني عاقلا حكيماً.

- فقال الأول للثاني: وأنا موجود معهما بعد أول جلسة في المحكمة: ما هذا القاضي الذي يقول باسم الله وليس باسم الشعب.

- فقلت في غضب: يا فلان باسم الله الذي خلقك وأعطاك نعمة البصر واللسان الذي تتحدث به.. وأعطاك كذا.. وكذا.. وكذا.. بلاش كفر يا أخي.

- فقال الثاني: يا فلان يوسف صقر بجوارك وهو من قيادات العمل الإسلامي.

- وهؤلاء وغيرهم من المحاميين تغيرت فكرتهم بعد ذلك عن الإسلام وعن الحركة الإسلامية.. وأصبحوا يحبونها بعد ذلك.

-
للمستشار عبد الغفار وأمثاله من ذوي الذكرى العطرة..ماورد فى هذا المقام عن هذا الرجل هوعلى لسان المحامى المصرى يوسف صقر




  محمد راضى مسعود    عدد المشاركات   >>  600              التاريخ   >>  6/7/2009




فى القضية رقم 48 لسنة 1982 والمعروفة إعلاميا باسم قضية تنظيم الجهاد، قال المستشار عبدالغفار محمد رئيس المحكمة.. إن أجهزة الأمن فى الدولة وعلى جميع مستوياتها لم تكن لديها معلومات منذ إنشائه وحتى بدأ فى تنفيذ مخططه.. ورغم ذلك كانت أجهزة الأمن، كما استقر فى يقين المحكمة آخر من يعلم ولا يسع المحكمة الآن إلا أن توصى بإجراء تحقيق شامل وعاجل لتحديد المسئولين عن هذا الموقف.. وقبل أن يجف حبر قلم المستشار عبدالغفار كانت التحقيقات قد انتهت فى قضية -إهمال الحراسة- إلى القول على لسان المحقق: -إننا اكتشفنا ترهلا بشعا فى مختلف المجاميع الخاصة بأمن وحراسة الرئيس وأن الأمر لم يكن مجرد مظهرية براقة-.. وما بين غفلة أجهزة الأمن ومظهرية قادتها كانت الصورة فىفى 2/11/1981 عند سؤاله: س: متى بدأت صلة تنظيمكم بهذه التنظيمات؟ ج: قبل القبض كان تنظيمى يتكون منى أنا كأمير لهذا التنظيم ومعى محمد عبدالرحيم وسيد إمام وأمين الدميرى ونبيل البرعى ومنذ حوالى شهر أو شهرين تقريبا تعرف أحد أعضاء التنظيم وهو أمين الدميرى على أحد أعضاء تنظيم عبود الزمر، وهو فى الغالب طارق الزمر، وأثمر هذا التعارف عن الاتفاق والتعاون التدريجى بين تنظيمنا وبين تنظيم عبود الزمر، ومن صور هذا التعاون قام تنظيم عبود بتخزين بندقية آلية ومتفجرات، كما قمنا بدفع مبالغ مالية لشراء مكبرات صوت، لأن من ضمن خطة عبود بعد اغتيال رئيس الجمهورية القيام بمظاهرات فى الميادين لإعلان بيان الاغتيال وقيام الثورة الإسلامية. س: كيف تمت الصلة بين تنظيمكم وتنظيم عصام القمرى وتنظيم سالم رحال وباقى التنظيمات؟ ج: محمد عبدالرحيم كان مسئول اتصال بين تنظيمنا وتنظيم سالم رحال، أما أمين الدميرى فكان مسئول الاتصال بين تنظيمنا وتنظيم عبود الزمر، وكان الاتفاق بين مسئولى الاتصال والتنظيم لدينا، وباقى التنظيمات هو التنسيق قبل أى عملية، وكذلك تخزين المتفجرات والأسلحة والمساعدات المالية وتدبير أماكن الإيواء. س: ما الهدف الذى تسعى إليه هذه التنظيمات الأخرى التى اتصلتم بها؟ ج: نفس هدف تنظيمنا وهو أنها تسعى لقلب نظام الحكم القائم وإقامة الحكومة الإسلامية. انشقاقات المنصور والظافر الاعترافات السابقة كشفت الأسباب والدوافع وراء دخول كل التنظيمات فى تحالف للرد على السؤال حول لماذا نقتل السادات؟ أما الإجابة عن توقيت القتل ومن يقوم بهذه المهمة فهو السؤال الذى خضع لعملية فحص وتحليل داخل صفوف تنظيم الجهاد.. وقد حدث قبل وضع خطة الاغتيال جدل وانشقاقات داخل صفوف تنظيم الجهاد بين قائد الجناح العسكرى بالتنظيم عبود الزمر وأمير التنظيم محمد عبدالسلام فرج، بسبب شخصية خالد الإسلامبولى، وكانت أسباب رفض عبود الزمر إسناد عملية الاغتيال ل -خالد الإسلامبولى- تعود إلى أن خالد ضابط صغير حديث العهد بتنظيم الجهاد، وهناك احتمالات أن يكون مدسوسا من قبل المخابرات وإشراكه فى عملية بهذا الحجم تمثل خطورة على التنظيم وتسهل للأجهزة القبض على كل العناصر القيادية، أضف إلى ذلك أن المجتمع غير مؤهل لفكرة الاغتيال. مبررات رفض عبود الزمر قابلها عبدالسلام فرج بنوع من الميكافيلية، حيث أرسل ل -عبود- الخطة مشفوعة بتهديدات تصل لعزله من التنظيم، مؤكدا أن خالد الإسلامبولى إذا نجح فى اغتيال السادات يكون قد حقق قفزة للأمام، وإذا فشل فىفى التنفيذ؟. الأوراق والمستندات التى قدمت للمحكمة بعد ذلك كشفت أن الأجهزة الأمنية كانت لديها معلومات مؤكدة يوم 25 سبتمبر عن أن هناك خطة وضعت بالفعل لاغتيال السادات بعد أن هاجمت مباحث أمن الدولة منزل عبود الزمر، وضبطت خرائط دقيقة وتحريات شاملة عن تحركات السادات ورجاله، ليس هذا فقط بل الأب الروحى لتنظيم الجهاد والذى قاد خطة تجميع كل التنظيمات تحت لواء الجهاد -سالم رحال- الفلسطينى الأصل والأردنى الجنسية كان مقبوضا عليه منذ يوليو 1981، واستمر محتجزا دون تحقيق وصدرت الأوامر بترحيله قبل الاغتيال بأسبوع واحد فقط. سرى جدًا وتتصاعد الأمور وتصل الاستهانة ذروتها بتقرير سرى وضعته مباحث أمن الدولة تحت رقم 162 سرى جدا حيث مباحث أمن الدولة تقول فيه: -إن الضابط الملازم خالد أحمد شوقى الإسلامبولى بسلاح المدفعية يعتنق أفكارا من التى يروج لها الشيخ طه السماوى وقد زاره الأخير فى منزله أكثر من مرة، وسبق أن اصطحبه لحضور حفل زفاف شقيقته فى بلدته ملوى-.إلى هنا انتهى تقرير مباحث أمن الدولة الذى قابله استدعاء من المخابرات الحربية ل -خالد الإسلامبولى- وفتح محضر تحقيق بمبنى المخابرات الحربية مع الملازم أول خالد الإسلامبولى جاء فيه بعد السؤال عن الاسم والسن والسلاح. س: هل تقاعست يوما عن تنفيذ أمر أو مهمة أوكلت إليك؟ ج: لا يا فندم. س: هل لك أصدقاء؟ ج: نعم. س: من داخل الوحدة؟ ج: نعم س: ومن خارجها؟ ج: نعم. س: هل تعرف عبدالله السماوى؟ ج: لا. س: هل سبق أن ترددت على مسجد أنصار السنة المحمدية؟ ج: نعم. س: لماذا؟ ج: للصلاة. س: هل التقيت هناك بواحد من أعضاء الجماعات الإسلامية؟. ج: ربما بالمصادفة لا أدرى. التحقيق انتهى بكتابة إقرار من خالد الإسلامبولى يتعهد فيه بعدم مقابلة أمراء الجماعات الإسلامية، وبمجرد خروجه من غرفة التحقيقات تم وضعه تحت المراقبة النشطة، إلا أن هذا التقرير تم تعديله بمعرفة المدير لتكون المتابعة كل ثلاثة شهور، ثم تطور الأمر وفى أول يونيو صدر قرار جديد بوضع خالد تحت المتابعة الدقيقة وموافاة الإدارة بتقارير دورية وشهرية عن ميوله ونشاطه واتصالاته وتحركاته فى وحدته ومسكنه. تخمة التقارير وبمرور الوقت تضخم ملف خالد لدى عدة أجهزة أمنية وتطور الأمر عندما تطوع خالد وتقدم إلى قائد وحدته ومعه صورة من الصحف تحمل أسماء المعتقلين فى سبتمبر ومن بينها اسم شقيقه محمد، وطلب إجازة كما نقل كذلك الخبر إلى قائد الأمن بالكتيبة النقيب عبدالرحمن محمد. ورغم كل هذه التقارير والمحاذير صدر فى 23 سبتمبر 1981 تكليفا من قيادة الكتيبة ل -خالد الإسلامبولى- بأن أفراد الكتيبة 77 مدفعية للمشاركة فى طابور العرض العسكرى. التحقيقات التى جرت بعد ذلك كشفت عن أن قائد أمن الكتيبة النقيب محمد سليمان بلغه: تكليف الملازم خالد فاعترض ورشح بدلا منه ضابطا آخر، إلا أن قيادة الكتيبة رفضت ثم عاد ورشح ضابطا آخر، إلا أن القيادة رفضت المفاجأة التى يفجرها قائد أمن الكتيبة 77 مدفعية هى أن خالد الإسلامبولى ذاته رفض التكليف، إلا أن قيادة الكتيبة أصرت على الترشيح.المفاجأة داخل الكتيبة تتوالى وتبلغ الأمور ذروتها بغياب ثلاثة جنود من الوحدة التى يتولى خالد قيادتها وأضف إلى ذلك ترتيب السيارات فى طابور العرض بالشكل الذى يجعل سيارة خالد الإسلامبولى فى أقرب نقطة من المنصة وعلى بعد 200 متر من مكان السادات. مسئولية الأجهزة ترهل الأجهزة الأمنية والمظهرية والثقة الزائدة على الحد تصل ذروتها على يد ضابط مهندس ساعد تنظيم الجهاد ووفر الأسلحة والذخائر وعقب الاغتيال بيومين تم التحفظ عليه فى مكان أمين، ثم قدم كشاهد أمام المحكمة واختفى من عام 1981 وحتى الآن لا يعرف مكانه أحد. الشاهد الخفى هو ممدوح محرم حسن أبو جبل ضابط مهندس برتبة مقدم التزم دينيا فى بداية السبعينيات، واعتنق الأفكار الجهادية عام 1977 بعد تلقيه دروسا عن الحاكمية على يد الشيخ طه السماوى الذى كان له دخل كبير فى تشكيل أفكار خالد الإسلامبولى. وفى مارس 1981 التقى أبو جبل الملازم أول عطا طايل أحد أفراد مجموعة الاغتيال، وذلك فى مسجد الوحدة العسكرية وقد قام عطا بتعريف أبو جبل على محمد عبدالسلام مؤلف كتاب الفريضة الغائبة، وقد بايع أبو جبل، عبدالسلام كأمير لتنظيم الجهاد، وقد تم تكليفه بمهمة مد التنظيم بالأسلحة والذخائر التى يحتاجها التنظيم. وفى مساء يوم 28 سبتمبر 1981 التقى خالد الإسلامبولى وعطا طايل بمنزل أبو جبل وتوجهوا إلى المكان الذى كان يختفى به عبدالسلام فرج وتم عقد اجتماع تنظيمى عرضت فيه خطة الاغتيال ويومها أكد خالد أن العملية تشمل الرئيس ونائبه والقيادات البارزة. وبعد عرض الخطة بالكامل تعهد المقدم أبو جبل بتزويد مجموعة الاغتيال بإبر ضرب النار وخزينة رشاش بورسعيد وبعض القنابل التى ستستخدم فى تفجير المنصة، إلا أن أبو جبل أجل موعد التسليم أكثر من مرة ولم يحضر يوم 29/9/1981 وهو الموعد المحدد للتسليم وسلمها قبل 48 ساعة فقط، وكانت وظيفة الإبر هى وضعها فى أسلحة المجموعة المكلفة بالاغتيال بدلا من إبر الضرب التى يتم نزعها قبل العرض العسكرى. المفاجأة التى اكتشفها خالد أن هذه الإبر غير صالحة للاستخدام لأنها مخصصة فقط للرشاش الخفيف وليست للبنادق الآلية، ورغم ذلك نجح خالد فى الحصول على إبر بديلة. المفارقة العجيبة أن اعترافات خالد ومجموعته عقب الاغتيال لم تشر إلى اسم أبو جبل حتى يوم 31 أكتوبر 1981. وكانت المفاجأة أن يظهر أبو جبل بعد ذلك ليس كمتهم ولا شريك، وإنما وقف أمام اللواء مختار شعبان نائب المدعى العام العسكرى كمواطن تقدم بمذكرة معلومات عن التنظيم كانت مملؤة بالمفاجآت والمعلومات عن خلايا التنظيم فى كل مكان ب -مصر-، وأضاف فى مذكرته أنه أبلغ إحدى الجهات السيادية يوم 8 أكتوبر بكل ما لديه من معلومات حتى إن إبر ضرب النار التى قدمها لم يكن يعلم أنها غير صالحة ولم يتوقع أن خالد يمكن أن يكشفها وأنه أجل تسليمها لآخر لحظة حتى تفشل العملية. انتهت المحاكمة واختفى أبو جبل واختفت معه تفاصيل الصفقة التى عقدها للخروج من القضية.
أثناء الحكم الداخل تطرح عدة تساؤلات تبدأ بلماذا نقتل السادات؟، وكيف نقتله،؟ ومن يقتله،؟ ومتى نقتله؟. تساؤلات عديدة إجاباتها موجودة داخل ملف متخم النبش فيه يكشف كل عام جديد عن أسرار وحكايات تحرص الأجهزة على إخفائها. ولأن سرك إذا تعدى اثنين ينتشر وحلفاء الأمس أصبحوا أعداء اليوم فالإجابات يسهل الحصول عليها من خلال اعترافاتهم. لقاء السحاب أيمن الظواهرى يروى تفاصيل عملية تحالف ودمج كل التنظيمات تحت لواء تنظيم الجهاد قبل الاغتيال، حيث يقول إمام محمود مسعود وكيل النيابة تنفيذ مخططه فإنه لن يخرج من ساحة العرض حيا، وبالتالى لن يعرف أحد حقيقة التنظيم وقياداته. الطاعة العمياء المراسلات والمخاطبات بين عبود الزمر ومحمد عبدالسلام انتهت بقبول فكرة اغتيال السادات وبقى الكلام بعد ذلك عن كيفية التنفيذ، وما العناصر التى سوف تشارك وكيف يمكن تدبير الأسلحة والذخائر التى تستخدم


  محمد راضى مسعود    عدد المشاركات   >>  600              التاريخ   >>  11/8/2009



ماذا قال القاضى عبد الغفار عند النطق بالحكم فى قضية الجهاد الكبرى بعد شهادة الشيخ عمر عبد الرحمن!!!

من أظهر الأمثلة على ذلك ما أقر به القاضي عبد الغفار محمد في القضية 462/ 81 أمن دولة عليا طوارئ والمعروفة بقضية الجهاد الكبرى والتي تعد أكبر قضية في تاريخ القضاء المصري حيث أتهم فيها 302 متهما حضر منهم أكثر من 280 متهما، وتـُعد أيضا من أهم ـ إن لم تكن أهم ـ القضايا في تاريخ القضاء المصري نظرا للقضايا الخطيرة التي فجرتها، فقد نص القاضي عبد الغفار محمد في حيثيات حكمه على الآتي:

"
بخصوص الموضوع الثاني فالذي استقر في ضمير المحكمة أن أحكام الشريعة الإسلامية غير مطبقة في جمهورية مصر العربية وهذه حقيقة مستخلصة من الحقيقة الأولى وهي وجوب تطبيق الشريعة" ثم راحت المحكمة تسرد الأدلة على غياب الشريعة ومنها “وجود مظاهر في المجتمع المصري لا تتفق مع أحكام الشريعة الغراء من ملاه ترتكب فيها الموبقات ترخص بإدارتها من الدولة، إلى مصانع خمور ترخص بإنشائها من الدولة، إلى محال لبيع وتقديم الخمور ترخص بإدارتها من الدولة، إلى وسائل إعلام سمعية ومرئية ومقروءة تذيع وتنشر ما لا يتفق على أحكام الشريعة الإسلامية، إلى سفور للمرأة يخالف ما نص عليه دين الدولة الرسمي وهو الإسلام"
كما قرر حكم المحكمة في مسودة الحيثيات في موضع آخر: "حقيقة أن المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها نصت على أن الإسلام دين الدولة الرسمي واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، إلا أنه يكفي المحكمة تدليلا على أن أحكام الدستور لا تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ما قرره عمر أحمد عبد الرحمن ـ باعتباره من علماء المسلمين ـ أمام المحكمة بجلسة 3 سبتمبر سنة 1983م من أن الدستور يتصادم مع الشريعة الإسلامية ولا يتحاكم إليها فالمواد 86، 107، 108، 109، 112، 113، 189 تعطي لمجلس الشعب حق التشريع وسن القوانين، وهو في الإسلام لله وحده، كما أن المادة (75) من الدستور لا تشترط الإسلام والذكورة في رئيس الدولة وهو أمر يخالف إجماع الفقهاء، والمادة (165) تنص على أن الحكم في المحاكم بالقانون الذي لا يتفق في أسلوب إصداره ونصوصه مع الشريعة

كما قرر حكم المحكمة في موضع آخر في معرض بيان حالة المجتمع المصري قبل وقوع: أحداث القضية: "غياب شرع الله عن أرض جمهورية مصر العربية: وهو ما سبق للمحكمة أن دللت عليه بأدلة قاطعة ـ لا ترى حاجة لتكرارها ولكنها تشير إلى أن السلطة التشريعية لم تنته بعد من تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، وكانت قد بدأت في هذا العمل منذ عام 1979م هذا إلى وجود مظاهر في المجتمع المصري لا تتفق بأي حال مع قواعد الإسلام، فلا يتصور أن دولة دينها الإسلام وترخص لملاهٍ ترتكب فيها موبقات، وترخص لمصانع لإنتاج الخمور أو محال لبيعها وشربها، أن تصرح لوسائل الإعلام المرئية أو السمعية أو المقروءة بنشر أو إذاعة ما لا يتفق مع شرع الله أو سفور المرأة بصورة تخالف ما نص عليه الإسلام"(

ولم يكن اعتراف القاضي بغياب الشريعة عن حكم مصر هو المفاجأة الوحيدة من قاض علماني يحكم بالقانون الوضعي. بل لقد أضاف إليه إقراره بعدة حقائق خطيرة منها وجوب الحكم بالشريعة وأن هذا أمل كل مسلم، ومنها وجوب وقف تيار الفساد في وسائل الإعلام، ومنها إقراره بالتعذيب البشع الذي وقع أثناء التحقيق وأدى إلى عاهات مستديمة لدى بعض المتهمين.
ولم تكن حيثيات الحكم التي سطرها القاضي في أكبر قضية في تاريخ القضاء المصري هي أخطر ما في هذه القضية، بل ما هو أخطر منها بيانات العالم المجاهد الدكتور عمر عبد الرحمن في القضية والتي أظهر فيها مدى انحراف الحكم في مصر عن الإسلام والتي ضمنها ـ بعد ذلك ـ في كتابه (كلمة حق)، كما بين في تلك البيانات أن مقاومة هذا النظام والخروج عليه أمر مستقر في الشريعة الإسلامية بإجماع فقهاء الأمة، كما احتوت هذه المحاكمة على الشهادة العظيمة للعالم المجاهر بالحق الشيخ صلاح أبو إسماعيل في بيان مدى الفساد التشريعي في مصر وبيان يأسه من محاولة إصلاح النظام بالحسنى ومدى خبث المؤامرات التي تعرض لها وتعرضت لها الدعوة لتطبيق الشريعة في مصر
.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 864 / عدد الاعضاء 67